كثيرا ما أسأل نفسي لماذا صاغ الفنان الفرنسي تمثال الحرية على شكل انثى؟؟ وهو تمثال لشابة تحررت من قيود الاستبداد والعبودية والقتها عند قدميها ثم امسكت بيدها اليمنى مشعلا يرمز للحرية وبيدها اليسرى كتابا نقش عليه 4 يوليو 1776 وهو تاريخ استقلال الولايات المتحدة ويرقد على رأسها تاج ذو سبع شعل يرمز الى القارات السبع الموجودة في العالم, وهو موجود في جزيرة الحرية في خليج نيويورك. ولماذا لا يبعد هذا النصب او هذا الرمز والذي شكل رمزا عظيما في عصور كانت في بداية الحداثة, عن مجال الحرية او الامن او الاستقلال كما يصوغها البعض؟
ولماذا اختار الأرمن تمثالا ضخما وسط حديقة النصر في العاصمة الارمينية "يريفان" ليمثل جمهورية أرمينا وهو على شكل انثى؟؟ وهو الذي يرمز الى السلام والقوة ويطلقون عليه اسم "ام الأرمن" وهي عبارة عن امرأة تحمل سلاحا بيدها أو سيف التحرير وهي على أهبة الاستعداد لخوض معركة التحرير جنبا الى جنب مع زوجها تساعده في الاشتباكات التي وقعت بينهم وبين الاتراك والاكراد من جهة أخرى.
لماذا رأينا بصورة الانثى جوهر الحرية ولم نراها بصورة الذكر وقد خصصنا هذا الشيطان المطارد في ثقافتنا التراثية "الساحرة" داخل ثقافة الغرب أيضا في العصور الوسطى؟؟
هناك أسئلة كثيرة تدور في مخيلتي- لماذا الساحرة أنثى؟؟ ولماذا الضمائر المذكرة هي للأعظم هو الله.. وهو الوطن.. وهو الشرف بينما تأخذ القيم سمة المؤنث مثل الحرية.. الكرامة.. الشهادة..الشجاعة والمحبة.
ربما نقيس قيمنا على معايير الانوثة - فانتهاك الكرامة هو أشبه باغتصاب عذراء.. والمس بالوطن يقارب الى حد بعيد اختراق الاعراض..
فالمرأة أعمق من أن تنتهك بعرضها وفق الثقافة التراثية فالانتهاك الاول كان في ادخالها مجال الجنس كمحدد لصورتها النهائية.
فالشيطان امرأة طالما لا تستطيع تغيير التراث اللغوي حول المرأة، والغواية امرأة كلما بقي في داخلنا ارث الصحراء.
فالثقافات القديمة التي أوجدت الابجدية والثورة الزراعية انزاحت باتجاه الثقافات الدينية وكانت تجسد الخصوبة وعشتار كرمز للاستمرار والتطور في الحياة**