فَواغي النَّواغي
{ديوان شعر سادس} بقلم: د. منير موسى
تغريد
-----
إذا أحببتها، أتحسب عليها أن تبادلك حبّا؟
فإن كذبتْ، لا يكذب قلبها
ولا يجرّد مِن الشّعور مَن أُوهب اللُبّا
خلَتْ روحك من الحنان والقيم؟
فمَن يستمرّ في غَيّه، يسكنْ غَيْهَبا
جمال الطّير في الرّيش وفي الصّوت
وجمال المرء في حِلم وحبّه الأدبا
اِسْتِسْقاء
-------
بلا الأمّ والحَليلة نبقى غرباءا
ونضيّع العُنوان والأوطانا
ونبقى بين النّاس في المنفى
فمَن يزيح العَنا؛ لنستسقيَ الزّمانا؟
ما فِتَنُ الشّعوب وحربها اليوما؟
هو المال، ورأس المال اللّعين يحرق السِلْما
هل يبقى محزون طول الحياة بهمّه؟
فالأفق واسع لِمَن يستشرف الغيْما
بوصلة
------
لا تكفي، عندما تكثر الأموالُ
يصبح العيش شبه مستحيل، ويكثر السّؤال
بلا العلم أرضُنا يباب
وبلا الطّعام يكثر السَقام
وبلا صديق يتحكّم المُحال
أبو كلّ الصّناعات هو الكتابُ
وأبو الأمطار هو السّحاب
هل ينسى أهله الهاتف المحمولُ؟
هل للمرار طعم في غمرة الحبّ؟
أنت في واحة، وغابت طُلولُ
أين يُضحي ذلك الغريب،
عندما يُسكب المِعسالُ؟
فحبّه يحكمه الأُفولُ
جِماح
-----
قالتِ العُربانُ:
ربّوا البنين على الدّلال والمدحِ
وربّوا البناتِ على القساوة
وسوموهنّ بالضّرب واللَدْح
فكيف يا عشائرًا، لاحصرَ للعدد،
تلك الحرائر يبكين من الجرح؟
ورأيك عنزة، ولو طارت
وعندما اقتربوا، حلّق طائر
فأشعّ حكمة ذلك المطرح
وما تصهل الخيل إلّا لفرسانها
ولا يرُد جِماحها سيف ولا رمحُ
فاغبِطْ مَن لا تستطيع النّجاح مثله
وخلِّ عينك على الغمام تسرحُ
نبع
---
بعصر الأنانيّة أن تنسى نفسك ممكن،
لكنْ، هل تنسى مَنِ استوطن النّفْسا؟
*
نسُوا أصلهم وشعوبهم، وسالت دماؤهم
وبكت مدافعهم، وأنشجت سيفًا، رمحًا وفرَسا
*
تكديس مال ضربات أوجاع
ورحلة الطّائرات سُكر مؤقّتُ
*
نبع ابتسامات يفيض على مَن حولنا،
فيستحضر القمر والشّمسا
أفضليّة
------
في الصّيف لا تلقِ عباءتك، وتنساها
فما أنت فاعل حينما يغزوك برد قارس ومطرُ؟
*
في علمك، الإنجاز أن تغدو وتروح مسرعًا
فاسأل الجَمل عن الصّبر والتّريّث، يجبْك المغامرُ
*
إذا نويت البقاء في مفارق الطّرقات مرتهَنا،
سابق الرّياح بجمع المال مزهوًّا
ضميرك مخدّر، والديْن سترُ
*
إذا كانت النُّشارة أثقل من أبيها الخشب،
فهل في درس الزّيتون
يطغى على الزّيت عكرُ؟
وجود
-----
لا تسقِ شجرة يبست أماليدها
ولا وردة ذبلت أزرارها
بل اغرس غابة، واسق النَّضارا
*
كثيرة هي النّكبات في شِعاب الحياة،
وقد تجوز الحدودا
يتبّلها صَوّان القريب ونار الغريب،
فهل مِن وِجدان، يحيل الوجودا؟
*
عندما تذرف الأمّهات، تجهش الطّبيعة بالبكاء
وإن تعلُ الصّعاب القمما،
ينتحبِ الرّجالُ
فهل تسمع الغَرِدا؟
*
جميلة هي الأناقة في لُبس الثّياب،
لكنْ، اتشتري الوَداعة؟
وهل نظافة الفؤاد تزيل الكمَدا؟
وسام
-----
إذا استعجلت أمرًا، أنت تستشرفه،
لكنْ، هل أنت تستدنيه؟
فلا يتساقط الوابل إلّا بعد الرِهام
وثروتك لا تعُدَّها
وفّر عليك الدّخان المهلكا
وكأسًا مُرَقرَقة الأوصاب،
وجع القلب والدّواءا
فكم من يد تمتدّ؛ لتمسح العَبَراتِ
في الأحداث الجِسامِ؟
*
إلى الأحزاب لا تقتربْ،
إذا كنت ذا كِياسة وتناصر الحقّا
فظاهرها مبادئ ودعوة للخير،
وباطنها ينبوع حقد وخصامِ
عتابا
----
هدموا البلادا، شرّدوا العبادا،
يتّموا الأولادا
هجّروا الغلابا، نشّفوا السّحابا،
حرقوا الكتابا، وعكّروا الشّرابا
ثملوا، والباشَوات يشربون
نخب الكراسي دائخين في العتابا
سادِر
----
رخيص هو الملح، لكن، فِقدانُه غالي
قد رخّصوا المرءَ مصفوعًا ببالِ
أبحرت في زورق، للهمّ سالي
مكانَك تنقر مصرّحًا، ما لي؟
حرّيّة
----
بالعلم لا تشمخْ، ولا برنّانِ
حفنة رمل هو من ضَحك شطآن
تطفي الغَليلَ شَربة الماء رقراقًا بوديان
حُرًّا طليقًا بلا حكم لسلطانِ
نباهة
----
إذا كنزتَ الذّهبا، ترى أضغاث أحلام
إذا نويت العملا، فإنّ حُلمك سامي
إذا شربت شرًّا، هل تلقى من حامي؟
فهل ترى العسْجد بين الرّغام؟
عبَرات
------
ضِدّيّة تختبي في بُرْد التّواضعِ
راقت لمُجَعْجِع حبّاتُ مُشَعْشَع الشّعشاعِ
وكاذب هو حَلْفُ متسارق خدّاع
وصمْت محبوبة يبوح به ذَرْف اليَراعِ
تتيّم
---
الوَجْد لاثنين كم هو خادعُ
ولاثنتين مِالغرور أخدع
لا يستحيل حبّ، كحُلم
إلى البحيرة يحنّ البَجَعُ
عجَب
-----
الحُرّ لا يقبل ظلم حرب
والعبد بذُلّه يتسكّعُ
أقلامَ فلاسفة قد كسّروا
وسَنّ شَرْعًا باغٍ ومِدفعُ
شُعاع
-----
أُكذوبة هو تتويج ملِكاتٍ
بزقزقة سِحر تغريد الجَمال
ريش العصافير يضاهيها لمْعًا
وما المستحضرات إلّا من الجوريّ والأفلالِ
رُؤًى
-----
إذا عمِيت عينك عن أمّها
دخلتَ غَيْط شوك الزّواج
إن تبدإِ الصّباح بالشِمال
فكن حذرًا من رؤى المزاجِ
شحّاذون
-------
أعياد الأمّ عندكم تَمثيليّة قَسريّة فاقدة للحنانِ
كم من أمّ مضروبة محرومة محروقة الجَنان
لفّعتموها باليُتم مرّتين، أحياء وبعد هجران
مَن ضاعت كرامته، عاش صاغرًا بالذّلِ والهَوانِ
مِسكينة، بنتَ هذا الشّرق
ألا ترفضين بسمة الطُّغيان؟
الظالمون لا شعور لديهِمُو
الشّمس لكِ وأعباق ريحان
مَن يرض بالإذلال، صار عبدًا لأطماعه
من حيثُ لايدري يعُبّ مِالخِذلان
ولولا بسمة الأنثى، ما كان مصيركم
إلّا شحّاذين على أبواب نِسيانِ
أضاليا
------
صَهْ في بزوغ الغيظ وفي حَنَقِ
فبعد غِضبة يحِلّ السّدَمُ
الحبّ لا يَستجدي، ولا يَطلب،
لمحةُ عين تُرديه والشّيَمُ
وما النّجاح صائرًا إلّا بجِدّ
وسالبٌ حقًّا خسيس فَدِمُ
لا تُشتَرى سعادة بصامت
جمْعه سَلْب، وبَطَر يحمحِم
إن غبت عن عيون مَن تحبّهم
صُنِ الهوى، لغيرهم محرّم
هل تشتري المحبوب بالذّهب؟
فالقلب يهوى حيث هو مُغرَم
وهمّك لا تفشه لسادر
فالزمْ دعاء، يرحلِ السّأمُ
تُعين مُعوِزًا؟ فأنت الوطنيُّ
تسعد محزونًا، خَميصًا تُطعمُ؟
نسيان مَن قد خذلني ممكن
وعاجز عن المؤاسي الكلِمُ
وتهتن العيون عبَراتِها
خوفَ النّوى، وفُلّة تتألّمُ
يا نيل
------
ما ذنب هاتيك الورود
يا طغمة الشّرّ، مكرهة الوجود؟
ما جريرة الأمّهات الوالهات
في بلاد، يعيث بها ثُلّة العبيد؟
والنّيل يبقى وارفًا مساقيَ السّهل الرّغيدِ
ورأس حيّة مَن أوجد الطّغاة
للدّوس خرائطه ببسطار العقيدِ
أرغاس
-------
ينسى متيّم، لا يجوز، روحًا أين منها الكنوزُ؟
بالعين هي رملة، فإن تحسد،
بفنجال القهوة هل تفوز؟
فافتح لقَرْقف الرِهام فاكا،
هل الغَليل يطفئه كوزُ؟
*
يرى الصّغير ملحه الكذبا
بثرثرة ظنّ أنّه خَلبا
الكرْم أنت خاسر بالشّرع والجَملا
وناقة، وتستسقي الخُلَّبا؟
نبا كتاب، وجفوت حِبرًا،
وصرت سيّدًا على مَن سلَبا
ارتشاف
--------
ما البُرجوازيّة في أنفاسكم؟
زهوتم وتَرسُفون بها دهرا
ترشُفون من غير صهبائكم،
والسّراب يكتنف القصرا
طرتم، وبطرتم، وأناكم عبَدتم
وبعتُمُ الكحيلة، الحُوار والمُهرا
ونبا حادي سحجاتكم عنكم
وصرتم لمهانة الأطماع أسرَى
شُمّ العرانين، غانيتم وغاويتم
وجَفاكم سِرب الخُضاريِّ هجرا
دلالًا، وطنيّة وسُكرًا تثنّيتم
وطنًا شرّدتمُ، حَرائرًا وزهرا
ما لأبراج عاجيّاتكم وحُلِيِّكم؟
أتحجبون حِلمًا، حقًّا، شمسًا وقمرا؟
عشوائيّة هي حنجليّة رقصاتكم
تعبدون الأصفر الرّنّان، وتغزلون الشِعرا؟
هباء تصنُّعُ نفَثات غلايينكم،
لا، لنُهدِ شعبنا مِقَةً، إخلاصًا
ووردًا أذْفَرا
وردة
-----
إذا قطفت زهرًا، فالمزهريّة تُسني
إذا سقيت روْضًا، فالهزار يغنّي
إذا قلعت شجرًا، وقلت، لا يهمّني
فقد جفوت نومًا، وحِرْت، مَن يخِزُني؟
وإن ظلمت شعبًا، هل تدري ما تجني؟
وإن بعت الضّميرا، هل مجتمعًا تبني؟
وببوْح ورد صاحت المُدْية: مَن عضَبني؟
شوارع
-------
أين وكيف تكون شَمّة الهواء اللّامعقولة
وعلى مهلها، على شُعوف الأشجار تلهو العصافيرُ
طيّارات على الشّوارع سادرة في الفضاء الرّحيب
وكلّ متشاطر له لحن زمجرة،
وغالبَ مغالاتِه الهديرُ
مطارات لا حدود لها، نراجيل تغادر ليلًا
حُباب الخندريس فائح، والتّبغ في الكاغد
فيلاشيه في الطّبيعة العبيرُ
فقدان حرّيّات بلا دراية
وسلبها مستحيل من الطّيور
مغرّدة على الأشجار مُلْتاحة،
تناغيها السّواقي والغديرُ
رغم الشّارات، أخطار فوضى،
يصاحبها ضياع أخلاق
جشع، أنانيّة، سُكْر، عربدة وحَرورُ
غنيّ وفقير، عالم وجاهل، كبير وصغير
هارب من النّاس الوقت
على اليمين والشِمال، ومَن باكيًا يهمّه المصيرُ؟
تنبّهوا! هذي رذالات العالَم المتحضّر
لكنْ، الأجواءُ تذوّب الدّواخين والأثيرُ
شوفوا الكواكب السيّارة، بأيّة لباقة تسيرُ
بلا ضجيجَ، لا تدانيها الشّرورُ،
لا الغيْرة ولا الغرورُ
مَن يرى، ويعرف خرائط المسارات الجوّيّة؟
بنفسجيّة منثوريّة، محيّرة هذي الحضارة
لكنْ، مَن يملِك حرّيّة التحليق،
ما شُغفت به النّسورُ؟
بغي
----
بلدي العصافير والزّيتون، فُلّ والطّائر الميمونُ
وبلدتكمُ السّياسة دِين، مراوغات وشُجون
تركتم خُضرة الرّوابي، ونهنهتكمُ الحُزون
متتيّم بها حدَثًا، متيتّم بها مغبونُ
أنا الرّئيس، فهل أنت معي؟
أنت وربوعك عُربون
بلدي حرّيتي جَمامي، فشمسي المالك القيّوم
دَوْحتي أيكتي كرامتي، يسفعها الحبّ، لا الظّنونُ
تحليق
-----
عندما نبكي، من مِحجر العين تسقط الهمومُ
وعندما نتكلّم، يظنّ واحدنا أنّه الملهوم
وقلب أسوَد يفرز وجهه، ويَظلم نفسه الشَّؤوم
فهل للكلمات أجنحة، فكيف تحلّق وتعوم؟
قشّة
---
كلّ متكبر وجاحظ العين من الأنانيّة وأكل الشّحوم
محدود الخيَال، ناكر لشعبه،
يدّعي بالحُلومِ
وحُلم الجائعين ما له شاطئ،
سيداوي كلّ محروم
مَن يعِث في بنات النّاس،
يعشْ حياة المقنّع المهزوم
رذاذ
----
إذا تملّيت وأحببتها، حاذر من النّاظرينا
وإذا التفتِّ، وهِمتِ به، فتنبّهي مِالنّاطرينا
فما دخل النّاس بينكما؟
هل مَن يحجز الهواء، ويمنع العيونا؟
إن عشت طالبًا؛ خسرت الكيانا
فهل تقدر أن تغيث المُعوِزينا؟
تحذّرْ من السّهم، يريشه ذو لوثة
يفُلُّ الوردُ النّصْلَ والإسفينا
رؤية
----
اترك فراغًا في المعدة؛ لئلّا تخسر الحكَما
ولا تخشَ حرّيّة؛ لئلّا تفقد القيَما
وإذا قدرت على عدوّ؛ لا تترك الشّيَما
أتقدر أن تحارب الزّمنا؟
فاترك نواقص النّاس، وكنْ فهِما
وإذا لم يكن صراط حياتك أملًا،
ضيّعت آفاقًا، وحطّمت الهمما
علوّ
----
سِرْ خفيفًا على رؤوس الأصابع
ولا تكنَّ لأحد بما بين الأضالع
زِدْ شراسة، ولا تحسِبْ للمُصانع
تعلُ فوق المتعلّمين وكلّ خانعِ
مُهاهاة
------
عِرْ ضميرك، واضحك باختلاسِ
واسرق، إذا شعرت بالإفلاس
ملحك الكذب، محبوب جلّ النّاس
لك السُّمَّيْهَى، الخَسفُ والمهاهاة بالأعراسِ
ألماس
-----
وردة كنتِ، وجار عليك الغَيورُ
زهرته شوكاءُ، صرعته الخمور
أبّهة وفراهة، تضمّخها القشور
ضاع الألماس، وهُجِرت قصور
عريس
------
تركتِ حبيبًا ساحرًا ذكاؤه للعيونِ
فليس ثرِيًّا مدبّلُ الجفون
حَبّ أهلك المال وبيت المجون
فمِنديل عريسك للدّمع الهَتونِ
هَلّة
---
تأكل العسل بعد تجرّع الألمِ؟
وفي البكاء تهِلّ ضِحكة الغيْم
فإن شكرت، تُحَطْ بفورة النِّعَم
وصِدقك لا يأتي بكثرة القسَمِ
نغاشة
------
أتطعم الخبز لمناولك بالحجر؟
أيلْتئِم جرح كَلِمٍ، أمْ كَلْمُ خِنجرِ؟
رقيقًا كالزّهر كُنْ، وصُلْبًا كصخرِ
وإن تهت، عُدْ على نغاشة القمر
مراوغة
-------
أتدري، كيف يرى ابنه الغُراب؟
صقرًا، لا تخيفه قمم ولا غابُ
بجُهدك تغتني، والكرامة لا تُعابُ
يراوغك المال، اعلمْ: عدوّك غلّابُ
قتاد
---
ضيف الهلاك فلمه حارقُ
وماكرة بمَلْثها تغرّق
غريبة صحبتَ، فهل تطلّق؟
وزائر العُلّيقة حتمًا سيعلق
رِهْمة
-----
أقنعُ بالعيش بالنّزْر اليسيرِ
غير طامع بغيري ولا بالكثير
أفرح لضِحكة طفل وغرير
لُقمتي أعطي لمعوِز وفقيرِ
مع عرفات
----------
طرتَ مبغوتًا من الجليل إلى الضِفةِ؛
لتحظى مع أبي عمّار بصورة في الحطّةِ
فِكيف فضْتَ وطنيّة برمشة عين اللّحظة
وعشت غادرًا لشعبك بالعتمةِ؟
المُضمَر
-------
وإنْ يحلفْ، يكذبِ المخادعُ
فحاذرْ! ذو المروءات أشجعُ
سكبت الغشّ، تمرمر النّبع
أقحلتْ واحات، تشرّد الرّبْعُ
جَوْس
-----
مع الأثمار مِبسامًا تميسُ
وإن جفّت غصون، تبقَ تغيسُ
فلا تهجر صديقًا أوتدوس
ديار الأصل، فيها هل تجوسُ؟
رَشْح
-----
أيّ حزن يمنع البسمة للورودِ؟
ما يضاهي زينته للخدود؟
صبحه يرشح بعطر للوجود
يحتوي المساءَ طيبُ عَرْف العودِ
حُلم
---
ينبت ما تزرع من الورودِ
كنْ عزيزًا، ضاهِ تحليق النسور
لا تُصِخْ لمتكبّر ولا لمغرور
هَيْت لحُلمك، أيقطف أزهار الوعورِ؟
صحوة
------
هيّن في العيش أن تصير حجرا
فاسأل الأنهار، كيف تصبح بحرا؟
عنبًا أكلت، هل تعاقر خمرا؟
فتعلّق بأهداب الّتي تهديك زهرا
خَلَجات
-------
العروس هي، إن رشق قلبُ
إن تتبغددْ، ضاع فيك صَبُّ
وطني أحبّ، وإن ينبُ دربُ
شعبك عظيم، وإن جفا عُرْبُ
نغم
---
ليس كلّ وارفة تثمرُ
أو صقيل، له حدّ يبتُر
ترفض السّرْج على الظّهر حُمْر
ويُزِلّ الجُلَّ عن ظهره مهرُ
خَتْل
----
بيديْ غيرك هل تمسك أفعى؟
هل لشبك عمل جُهدك تسعى؟
كيف لشعبك صرت ترعى؟
عينك لا تبصر طابور جوْعى؟
شعاع
-----
إذا سلم غنَم، وشتّ دربُ
هل يتنازل عن جلده الذّئب؟
الغبيّ يسأل، فيحتار لُبّ
فجماعة الحكماء غَلْبًا تغلبُ
كيف؟
----
الصّباح يُشرف بعد الغيْهَمِ
والحقيقة تهُلّ بعد الغيومِ
تُكسف شمس، لا تُسأل العلومُ
بينما دومًا تتلألأ النّجومُ
صُداح
-----
قويّ هو النَسر، طويل الجناحِ
مِنْسرٌ سِكّينٌ، ومِخلَبٌ كمّاشةٌ،
أعتى الجوارح
تخافه الزّواحف والقوارض في سهل فلّاح
وغريب أنّه أجبن الجبناء
يطير في أوّل الصّباح
تتخاصم النّسور على الفريسة
فالحصّة الكبرى لعضلات الوِقاح
عندليب
-------
ينظّف الحقول من الدّيدان والحشرات
يغرّد طول النّهار
في الأماسي والغدَوات مكثر الألحان
يسكن في البساتين
ملاحة، طيب وسحر الأغاني
يجمّل الحدائق، الغاباتِ والأدغالا
ويوقظ عند انبلاج الفجر كلّ وسنانِ
مساماة
------
لمَ تضاغن جارك، وهو الحامي لداركْ؟
لمَزْراة وصلنا، إذا كان أخًا لك
تحمي ذِماره، وهو يحمي ذِمامك
للقمر وصلت، ما يعني ذاك لك؟
من الإنجاز كثّر، ويسّر من كلامك
إن غاليت العداء، فأنت تكره نفسك
الكبرياء قتام، فتمهّل في جفائك
إن شازرت إنسًا، أتُسامي بأصلك؟
هل تحبّ شعوبًا، إن ناهضتَ شعبك؟
بيروت
------
العريقة بنت الأكابر، بوّابة الشّرق
الخضراء الصّادحة فائقة الجمالِ
شبه الجزيرة، زرقة السّاحل، موسيقى الأمواج
أصيلة بنت الأصائل
مزّقت نُسُجَكم أطماع الأكابر الكُبراء
وظلمات كلّ غائل
الغناء نرجسيّ، ساسة ضائعون،
فرّقكتم ضيْرُة المقال
ما هذا التّعصّب؟ اسألوا البرازيل عن المهاجرين
عن بكاء وحنين كلّ مِرحالِ
غَيْل
----
جاهليّة نبتْ عنكمو وجروحُ
ضَيْمكم بالجهل قد عاد يفوح
مَن يقصّ الغصن جالسًا عليه،
على دماره هائمًا يسيح
ضاقت البلاد بعاتٍ وباغي
أخضرًا أحرق، ولم تسلم صُروحُ
نور صباح عدمتم طامسينا
ضاع حيّكم، وهُجرت دَلوحُ
وطن يبكي حبائبه خَنًى
فلمَن تسرح شاء، وتروحُ؟
غير أمّك أترتجي أحدًا؟
لا تراوغ، هل بدونها تدوحُ؟
عدَم
---
دخان سيجارتك المُهلك سراب
وكأس الكحول الخدّاعة سافحُ
مشَعْشَعة تسري في عروق مغازليها
فيطربَ حُبور غرورها المالحُ
أزيز الزّجاج محبّة
والبَغضاء داخلها هجير لافح
غليونك المحبوب ما أعطاك شهرة
والمعسّل فائح، وسُمًّا نافحُ
طابون النّراجيل في حلْقة الرّقص
والجسد مائس جامحُ
عيون الصّقور تنتقي الفرائسا
أين منها اليمام المارح؟
خلاعة وأزياء منسّلة
بريء منها ذو الوقار السّامح
سرقت حليلة جارك طائرًا؟
شغفك الفاضح هذا، حتمًا، لقلبك جارحُ
وقالت بغُنّة: حِبِّيَ أنتَ، فلا تنظر لغيري
وفي لحظة حُمقة الطّيش غيّبتها المطارحُ
سبْح
----
نهبت حقّ العامل متباهيًا
وضميرك المخدَر بارحُ
وصارت قلّة الدّين خبزًا
فعلقمك اليوميّ عندك فالح
اسمك لامع، والمكاتب رنّانة بعطورها،
لكنّ الجشع طارح
والفارهات ديْن وسرقات،
يضيع بها مَن بعطرها فارح
اغتصبت الحقوقا، فهل تقول لعاصفة الموج:
ها أنا سابح؟