صادف يوم ألاحد أل-29 من شهر تشرين ألاول الذكرى أل-61 لمجزرة كفر قاسم تلك القرية الوادعة الهادئة والتي راح ضحيتها 49 شخصا من خيرة الشباب والرجال والصغاروالنساء جميعهم قتلوا بدم بارد في ليلة ظلماء لم يفتقد فيها البدر،بل افتقدت الإنسانية والأخلاق والذوق والروح التي من المفروض أن يتحلى بها بنو البشر على اختلاف ألوانهم واشكالهم وحزبهم وانتماءهم الديني والعرقي واللون ولغة التخاطب وغير ذلك من الكلمات التي من المفروض أن ينطقها جميع من خلقهم الله عزَ وجلَ على وجه هذه المعمورة.
في ليلة سوداء وفي ظلام دامس أختار هؤلاء القتلة تصفية مثل هذا العدد الكبيرمن البشر من البلدة ،لا لسبب بل لانهم من المواطنين العرب الفلسطينيين في هذه الديار،هذه المجزرة خططوا لها اذ في نفس اليوم حصل العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 عندما انقضَت جيوش ثلاث دول على الجمهورية المصرية وهي قوات غازية فرنسية وإسرائيلية وبريطانية بقصد تقويض النظام المصري الذي قاده القائد الفذ جمال عبد الناصر والسيطرة عليه وتمرير المخططات الاستعمارية في الشرق ألاوسط وعبد الناصر كان القائد الذي كان يقف على رأس النضال ضد الاستعمار والامبريالية والتي مثلتها هذه الدول،وخطط من خطط الى مثل هذه المجزرة الرهيبة حيث قرروا منع التجوال وأن كل من هو خارج القرية يسري عليه قانون منع التجوال مع العلم اليقين بان معظم العمال والشغيله ما زالوا خارج القرية وانه ليس باستطاعتهم الوصول قبل سريان ونفاذ التعليمات العسكرية وتفادي التعامل بألامروعبثا حاولوا ثنيهم عن تنفيذ القانون وقرر القادة العسكريون أن من يصل في الوقت وقبل الساعة المعينة،فان بامكانه تخطي الحواجز،والا فان"ألله يرحمه"وهكذا حصل وتمَ تصفية 49 شخصا من القرية الوادعة المطمئنة جميعهم من الذين خرجوا في ساعات الصباح الباكر بحثا عن رزق عيالهم وأسرهم ومنهم من خرج لقضاء حاجات أخرى،لكنهم جوبهوا باطلاق النار عليهم وقتلوا بدم بارد،وظنَ من ؟ظن أن هذه هي الخطوة ألاولى لعملية أكبر فهم هاجموا مصر جيوش الدول الثلاث واحتلوا أقسام كثيرة ومنها غزة وسيناء وو..لكنهم خرجوا وانسحبوا بعد الإنذار السوفييتي وبالطبع ايدَت قرار الانسحاب أيضا الولايات المتحدة الامريكية ،لكن المعسكر السوفياتي كان على حيله وقوته وكان في مقدمة الدول المدافعة عن حقوق الشعوب وألامم في الاستقلال والحرية وانسحبت الجيوش،لكن آثار العدوان والذي عرف فيما بعد بالعدوان الثلاثي بقيت لمدة طويلة اذ"استعمرت إسرائيل غزة لمدة وانسحبت وهي تجَر ارجلها مطأطأة الرأس والرجلين وانتهى هذا العدوان الغاشم على مصر،لكن مجزرة كفرقاسم والتي استهدفوا من تنفيذها زرع الخوف والهلع في قلوب المجتمع العربي في البلاد آملين اضطرار البعض الى النزوح والهجيج مثلما حدث في زمن النكبة عام 1948،لكن حساباتهم لم تكن صحيحة وتبخَرت أفكارهم في الهواء الطلق وبقي أهالي وسكان بلدة كفرقاسم في بيوتهم وعلى أراضيهم الى الابد فهم كأشجار الزيتون يانعة خضراء دائمة وجذورها في اعماق التربة ولا يمكن اقتلاعها شروشها عميقة عميقة وكلما انقطع شرش كان تحته ما أمكَن وأقوى،وهكذا كان وسنبقى شوكة في حلوقهم فهذه ألارض أرضنا وهذا البلد بلدنا.
لقد ظن من ارتكب هذه المجزرة أنه لن يتمَ اكتشافها،لكن الشرفاء من المجتمع اليهودي والعربي كشفوا عنها من عضو الكنيست ماير فلنر وتوفيق طوبي من الحزب الشيوعي ولطيف دوري من حزب العمال الموحد- مبام- وبعد ذلك غيرهم وتَمت اثارة الموضوع من على منصة الكنيست وانفضح الطابق وتبخرت ألافكار الشريرة وحاكموا شدمي بقرش وأصبح يضرب به المثل"قرش شدمي"ولم ينفذ بحق الجناة ما يجب أن ينفذ وبقيت القضية ولم يتمَ استنكارها أو الاعتراف بالذنب والاعتذار كما هو الحال في مثل هذه ألاحداث ولم يقم أي وزير واعلن مسؤولية الحكومة عن هذه المجزرة النكراء،وفقط رئيس الدولة موشي كتساب اعتذر،وكان من المفروض أن يقوم رئيس الحكومة اثر ارتكاب المجزرة الاعتذار لاهالي كفرقاسم عن هذه الفعلة الشنيعة ويضع إكليلا من الورود على أضرحة الشهداء،لكن هيهات!!؟؟؟ونحن نقول أنه من العار على أي كان ارتكاب أي ذنب وعدم ألاعتراف به والاعتذار عما اقترفه لان ذلك يدل على جبن واخلاق غير سوية أو سليمة وكان من المفروض أن يمثَل الحكومة ألاسرائيلية أي وزير في كل عام وفي هذا التاريخ التاسع والعشرين من شهر تشرين ألاول ويحضر ويلقي كلمة ويعتذر عما اقترفوه ضد أناس أبرياء ذنبهم الوحيد أنهم خرجوا لتحصيل لقمة العيش لهم ولاولادهم في ذلك الزمن وتلك الأوقات ويا غافل من لك؟ حصدوهم وهنالك قصص كثيرة عن الذين استطاعوا وكيف استطاعوا النجاة من رصاص الغادرين فالصغار لم يسلموا من همجيتهم واطلاق الرصاص عليهم،ونحن نقول أننا لن ننسى ولن نغفر أو نسامح من اقترف هذا القتل والتصفية بدم بارد انهم أشخاص لا يمتون للإنسانية بصلة والغريب كيف استطاع هؤلاء النجاة من يد القضاء؟ اين العدالة؟ هل تبخرت؟ الجماهير العربية وأهالي كفرقاسم أحيوا هذه الذكرى المؤلمة جدا والتي لا يمكن أن يتصورها العقل البشري،ويتحدثون اليوم عن المجازر والمآسي والمظالم،لكن أل-49 شخصا اليست لهم أسماء؟ بلى وعليه يجب وفي كل عام وفي هذه الذكرى المؤلمة والكئيبة أن ينادوا باسماءهم عندما يصلون الى مقبرة الشهداء ولكل له اسمه رحمهم الله وأنزل عليهم فسيح جنانه وألهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان ويتوجب على الحكومة ألاسرائيلية أن تعيد النظر في حساباتها تجاه ألاقلية العربية في البلاد وتعتذر وبصوت مرتفع دون خجل من أحد وأن تتحلى بالشجاعة وألاخلاق وألانسانية ألتي يتحلى بها معظم أبناء ألشعب والمجتمع اليهودي الذي عانى وذاق ألامرين جراء ألاضطهاد والظلم زالعدوان،نحن واياهم نعيش في وطن واحد ودولة واحدة نحن من مواطنيها ولسنا غرباء أو أجانب وتهمنا الوحدة وحدة صفوف شعبنا وتكاثفنا سويا لزيادة وزننا وقوتنا في البرلمان ونبقى متعاضدين متفقين على ألاحد ألادنى من العمل على تحقيق حقوقنا المسلوبة ونتساعد مع النيرين من أبناء الشعب اليهودي وهم كثر،لكنهم ...ربما لا يملكون الجرأة الكافية لمحاربة الظلم والوقوف في وجه منفذي سياسة الاضطهاد والتمييز العنصري ولتحقيق المساواة التامة وعليه يتوجب علينا النضال المشترك اليهودي العربي من أجل مستقبل افضل وحياة سعيدة ورفاه ودولة فلسطينية الى جانب دولة إسرائيل لوجود تحركات ربما تكون نتائجها إيجابية ورحم الله شهداء مجزرة كفرقاسم ولنتعظ ونتحد سويا لما فيه المصلحة العامة.