في ظل الفقر – بقلم الدكتور محمد الشغري -حيَ الشغري كفرياسيف
بموجب معطيات من قبل جمعيات خيرية فاعلة ونشطة في البلاد فان عدد الفقراء يزيد عن مليوني انسان بين صغير وطفل وشاب ومسن،ومعظم هؤلاء بحاجة الى مساعدة من مادية نقدا أو بتقديم الدعم لهم برزم غذائية مهما كان حجمها،ناهيك عن الحاجة الشديدة الى مسكن مناسب يأويهم في الصيف والشتاء ولا نتحدث عن بيت تفوق مساحته أل-150م2 بل شيئا متواضعا على الرغم من أنه على الغالب هذه العائلات المستورة تكون مباركة ألاولاد وهنالك أسباب كثيرة لزيادة عدد أفراد العائلة،وان كان هؤلاء من اليهود الشرقيين فان سكنهم يكون في المدن والقرى والبلدات في ألارياف أو في الأماكن ألنائية والبعيدة عن مركز البلاد،لكن ليس دائما لان معظمهم عاش في "المعبروت"وتحولت الى بلدات صغيرة عندما قدم معظمهم كمهاجرين أغروهم ببلد"السمن والعسل" سواء قدموا من الدول العربية أم الدول الشرقية أو حتى من دول أوروبية خاصة من دول شرق أوروبا واستوعبوهم في هذه ألاماكن وبقيوا فيها لمدة طويلة ومنهم من أصبحت المكان الذي استقروا به نهائيا وما زالوا حتى يومنا هذا،مثلا كالذين سكَنوهم في قرية عمقا التي هجَروا أهلها عام النكبة 1948 وطردوهم من أرضهم ووطنهم وبيوتهم وشلَحوهم من كل ما يملكون وتركوا يهيمون يفتشون على مكان يأويهم فقسم منهم قصد قرى في الجليل مثل كفرياسيف وأبو سنان ويركا وجولس والشيخ دنون وقرى وبلدات أخرى،أما اليهود القادمون- المهاجرون فاستولوا على كل ما كان لهؤلاء وسكنوا في البيوت العربية التي أخرجوا أهلها منها -ألمواطنون ألاصليون.
وعاش هؤلاء ونتيجة للأوضاع الصعبة التي عانوا منها أصبحوا يفتشون عن عمل مناسب ومعظمهم لا يملك ألمؤهلات الكافية ليتبوأ وظيفة مناسبة لكفائته وهكذا عاشوا ومنهم الكثيرون الذين عاشوا"على الهامش" وكانت الوكالة اليهودية الصهيونية تقدَم لهم بعض المساعدات والمعونات التي لا تكفيهم،ومن منَ لا يذكر المظاهرات التي خاضها اليهود الشرقيون في سنوات ألخمسين وبعد ذلك ،والتي عرفت بمظاهرات وادي الصليب الاحتجاجية في حيفا والتي نظمها اليهود الشرقيون ألذين جابوا شوارع حيفا وهم يحملون العلم ونصفهم عاري وكانوا يهتفون مطالبين بتوفير الخبز ومكان العمل وكانت صدامات مع الشرطة واعتقالات ومع الوقت تحوَل هؤلاء الى مجموعة ما يعرف"بالفهود ألسود"،لكن هذه المظاهرات والتظاهرات الاحتجاجية لم تثمر الكثير وغيَرت الواقع الكئيب والأوضاع المزرية التي عاشها القادمون- المهاجرون الجدد،وتسلق على أكتاف هؤلاء زعماء ألاحزاب من"مباي"وأحدوت هعبودا" وغيرهم وحاولوا تشغيلهم باعمال مؤقتة"ألداحاك"ونهجوا توزيع رزم غذائية كانت تحتوي على المرجرين والسكر وألارز وألخبز ألاسود ألمستدير والذي كان يزن كغم،وكان منظر سكناهم غير مريح بالمرة وطالبوا دائما بتحسين أوضاعهم لكن دون جدوى والتغيير كان جدا غير ملموس،لكن في كل انتخابات سواء كانت للكنيست أم للسلطات المحلية فان الدعاية الحزبية وتغذيتهم بكراهية العرب كانت تنسيهم مطالبهم العادلة،وهكذا عاشوا،ولم تشهد البلاد تظاهرات على غلاء المعيشة كالتي شاهدناها في دول كثيرة،بل تظاهرات خجولة ولم تثمر كثيرا أو كانت لها تلك النتائج المرجوة من هبة كهذه!وبالطبع هذه الاحتجاجات لم تشمل المجتمع العربي الا ما ندر!مع أن الأوضاع المعيشية لهم لم تكن باحسن حال بالمرة،ونحن نتحدث بصورة عامة وليس افرادا من الناس!
تطورت البلاد وازداد عدد الورش والمصالح والبيوت المشتركة والبنايات الشاهقة في المدن الكبرى وفي غيرها من الأماكن كنت ترى أن شركة"سوليل بونيه" التي كانت تبني والعمال 99% عرب حتى الذين كانوا يراقبون العمل والعمال والذين بنوا خزانات المياه في تل ابيب ورمات جان وبيتح تكفا وغيرها من ألاماكن كانوا من المواطنين العرب الذين كانوا يعملون في هذه ألاماكن يعيشون في أماكن العمل على الغالب ويأكلون البيض والوجبات التي لا تغني ولا تسمن،بل يريدون تدبير أمورهم المعيشية لهم ولاولادهم،وكم من شاب ترك التعليم لقلة ألاموال والتحق بوالده أو بجاره ألذي كان يوفَر له مكان العمل ولو باجر زهيد وكان هؤلاء يعودون الى بيوتهم مرة كل أسبوع أو أكثر وتصوروا كم للبعد عن العائلة تأثير كبير على التربية؟؟ لكن ما العمل؟ لم تتوفر الحلول أيضا للمواطنين العرب،وهل كنتم تتوقعون بان المجالس المحلية العربية كانت لديها الكوادر في قسم الخدمات الاجتماعية لمعالجة ظاهرة الفقر؟ لا وألف لا فعلى سبيل المثال في مجلس كفرياسيف كان موظف واحد ألمرحوم البرفيسور الياس توما وربما بنصف وظيفه وبعده المرحومة فيوليت خوري وألتي كانت بعد ذلك رئيسة للمجلس،بينما في المجتمع اليهودي كانت هنالك كوادر لمعاجة المحتاجين كما أن الوكالة الصهيونية وغيرها من المؤسسات اليهودية كانت تساعد اليهود وتخفف عنهم،بينما المجتمع العربي استمر المعاناة والى يومنا هذا.
جمعيات خيرية يهودية تولت تقديم المساعدات كلما استطاعت ذلك،وفي مجتمعنا العربي كانت بعض المساعدات في شهر رمضان الفضيل وقبل عيد الأضحى المبارك ولا ننسى تلك الهيئات والجمعيات والاطر الأخرى التي تقدم الدعم مشكورة على الرغم من قلة الموارد والتبرعات التي تتسلمها هذه الجمعيات ولو كانت هنالك سياسة رفاه اجتماعي سليمة تساعد كل من هو بحاجة الى المساعدة،لما وصل عدد الفقراء الى هذا الحد أي أكثر من 27% وحيث أن ألفقر نسبة فالذي يمتلك8-7 آلاف ش هو فقير بالنسبة للذي يمتلك30-40-50 ألف ش وقس على ذلك،ولا ننسى مشكلة المنازل والبيوت التي بحاجة اليها كل عائلة وكل فرد،فالذي يتقاضى الحد ألادنى من الأجور متى وكيف بامكانه شراء منزل ولو كانت مساحته 100م فهو بحاجة الى أن يعمل على ألاقل 25 سنة ويوفَر هذه ألاموال دون أن يستعملها للمأكل والملبس لربما تكفي لشراء سكن وربما يكون هذا ألمسكن غيرمناسب أو غيركاف لاستيعاب العائلة، فالعائلة العربية عندما يجتمعون مع ألاحفاد وأزواج ألاولاد والبنات،هم على ألاقل بحاجة اما الى ساحة خاصة يتناولون عليها ألطعام،أو منزلين يتمَ فتحهما أليس كذلك؟ وهذا شيء جميل ومفرح"أللمَة"في المناسبات أو غير ذلك!!عندما تجتمع العائلة سويا،وعلى الرغم من أن ألاوضاع ألاقتصادية غيرمريحة وهنالك ألكثير من العاطلين عن العمل ومنهم من يتقاضى مخصصات البطالة ومنهم على وجه الله!! وأوضاعهم قاسية لعدم تمكنهم من الحصول على عمل مناسب.
وأخيرا وليس آخرا يتوجب على الحكومة معالجة هذه الظاهرة أناس يفتشون في حاويات النفايات وآخرون ألثلاجة"بتطرق هواء"ويوجد من يتولى ما يلقيه الباعة في ألاسواق الكبيرة ياخذونه ويعدون ألوجبات للمحتاجين وأيضا لا يكفي فالحكومة هي الملزمة باطعام المحتاج وتوفير العيش الكريم وتخصيص الأموال لهؤلاء بدلا من صرفها على الغواصات وألاسلحة وبتحقيق السلام يتحقق ألامن والاستقرار والطمأنينة والعيش الرغيد والرفاه والصحة والتربية والتعليم فمتى يستيقظ هؤلاء ويغيرون من سلم ألاولويات؟؟؟نحن شعب بحاجة الى تفكير سليم وسلمي وتفاهم ومساواة للجميع والعمل يدا بيد لمستقبل أفضل لكل الناس.