في حياتنا اليومية امور عديدة تقترن بعضها ببعض , وامور اخرى كثيرة تكون سببا في ولادة امور معينة , ومقومات عديدة تكون قاعدة لانبثاق صفات وسمات وظواهر اجتماعية , وكذلك امور وركائز جمة تكون قواعد واقية وداعمة لامور قائمة , تجسدها ,تقويها وتدعمها , والامثلة على ذلك لا حدود لها , منها ما هو مرتكز على اركان وطيدة ومنها ما هو متصدع معرض للانهيار , ومنها ما هو في مهب الريح وعرضة للانجراف وربما للزوال .
فثلاثة منها تقر العيون وتدعم المرء وتسهل عليه حياته الهنيئة , اولا المرأة الموافقة والواعية التي تدري ما لها وما عليها تجاه الحياة الزوجية وتجاه تربية الاطفال , وتدري كذلك معنى الامومة وتعي دورها تجاه الاهل والاقارب والاصدقاء والواجب الانساني والشرف والكيان وغير ذلك , هذه حقا ركيزة من الركائز التي تقر العيون .
ثانيا الوالد الاديب فهو مثالا حيا لزوجته شريكة حياته , ومثالا حيا لذويه ولمن هم اكبر منه سنا , ولخلفه من البنين والبنات , وكذلك لمجالسيه وللمتعاملين معه في خضم هذه الحياة الزاهرة والد كهذا تقر به عيون المحيطين به ويكون في ذلك طموحا في الاستزادة نحو الافضل .
ثالثا الاخ الودود الذي يكن الوداد والاحترام للاخوة , للاهل , للاقارب والمعارف , يساهم مساهمة فعاله واكيدة وتقر به عيون جميع هؤلاء , الامر الذي يدعم ويعزز التعاون والوداد المتبادلين .
وثلاثة ايضا تحصن الملك وتحميه , فكثيرا ما يكون المرء صاحب ملك او ثروة يكون قد صنعها بنفسه او يكون قد ورثها عن سلفه او يكون قد فاز بها دون عناء , هذه الثروة او هذا الملك لا يمكنه ان يكون محصنا الا اذا اقترن بثلاثة امور وهي : الاول الرأفة او العطف والحنان على الاخرين الذين هم بحاجة لذلك هذه الرأفة تعمل على دعمه وتأييده بخطاه وربما تقويه معنويا , والثاني العدل فأن كان هذا الانسان عادلا فيما يقول ومنصفا فيما يتصرف ولا ينحاز او ينحرف او ينجرف وراء المغريات فلا بد ان ذلك يحصنه ويبارك الله في ثروته وملكه وتزداد محبة الناس اليه ويدعون له بالتوفيق والرزق الوافر والعمر المديد , والامر الثالث الجود او الكرم كما قيل "الكريم حبيب الله " يعني ان الكرم من الشيم الانسانية الكفيلة بالحفاظ على الكرامة وعلى رفع شأن المرء بين ذويه وفي صفوف مجتمعه , وفي نفس الوقت يحصن الملك وربما يزيده يوما بعد يوم وفترة بعد اخرى .
وثلاثة تورث وتولد المحبة وهي : الاول , الادب , فالادب يزين صاحبه بلباس محبوب ويرفع شأنه بين الناس , ويفرض الاحترام على الغير دون منازع , فالادب لا ينحصر في الكتابة وانما في كثير من التصرفات اليومية في مختلف مجالات الحياة . والامر الثاني التواضع , فيرفع من قيمة ومنزلة صاحبه ويجعله مميزا بين الناس , ويكثر محبوه والذين يثنون على اخلاقه ولين عريكته , الامر الذي يعزز محبة الناس اليه من قريب ومن بعيد . والامر الثالث وهو الدين الذي يغرس في نفس المرء نواه اخلاقية في الايمان , في الصدق وفي النهي عن المنكر , ويجعله يكثر من مواعظه وهدايته للاخرين لاتقاء الله تعالى وسلوك السراط المستقيم , كل هذا يعمق محبة الناس اليه بكل معنى الكلمة .
وثلاثة اخرى تكسب المقت وتعكر صفو العيش وتعمق النفور بين الناس وهي : اولا الكبرياء صفة تنم عن صاحبها وتبعده عن الاخرين بصنع يديه , وتحط من قيمته في كثير من الاحيان وقد تؤدي به الى الحضيض , ثانيا الظلم احد مقومات ودعائم المقت والعداء والبغضاء والجفاء , فمن تكون صفته الظلم فليبشر نفسه باظلم منه , وليتيقن بان تصرفه هذا يبغض الناس ويبعده عن الغير ويعمل على عزلته وانفراده الى ان يقبع وحيدا فيما بعد , يمقته الكثيرون ويهجره الاصدقاء والاحباء وحتى القريبون منه . ثالثا الجهل وهو عامل اساسي في المقت وكذلك عامل اساسي في جلب الضغائن من قبل الاخرين , لانه في كثير من الاحيان يكون حتف المرء في جهله , وكثيرا ما يسبب له جهله امورا لم يحلم بها من قبل مطلقا , وتنعكس عليه شرا بعد حين , هذا من جراء التهور , التصرع وعدم الاتزان في الحديث وفي التعامل وفي المعاملة .
وعليه فعلينا نحن الادميون سلوك دروب قر العيون , وتحصين الملك والمحبة من خلال اتباع ونهج مقومات هذه الصفات , ونبذ درب المقت في كل تصرفاتنا في كل آن وفي كل مكان , لان في ذلك دون ريب دعم وتوطيد وتعزيز للمقومات الايجابية في المجتمع , لتعم المحبة والاحترام المتبادل صفوف هذا المجتمع .