عندما جنَّ الليل
وألقى الكرى رداءهُ على وجه الارض
تركت مضجعي وسرت نحو البحر
فبلغت الشاطىء وكان الضباب
قد إنحدر من أعالي الجبال
وغمر تلك النواحي
مثلما يوشيّ النقاب الرمادي
ملامح وجه فتاة حسناء
واذ بي أسمع صوتاً قائلاً:-
الحياة بغير الحب كشجرة بغير أثمار
والحب بدون الجمال كأزهار بغير عطر
فالحياة والحب والجمال يا صديقتي
ثلاثة أقانيم في ذاتٍ واحدة مستقلة
لا تقبل التغيير ولا الانفصال
واذ ما سمعت هذا الصوت ملأ كياني
وقفت شاخصةً كأن في المكان سحرٍ
أيقظ ما في روحي من الخيال...
فسألتهُ وماذا عن الحرية يا هذا؟
فهمس بأذني قائلاً:-
"الحياة بغير حرية كجسمٍ بغير روح,
والحرية بغير الفكر كالروح المشوشة"
والإنسان حُر بفكرهِ وخياله
والفكر والخيال
ينجبان شخصية الإنسان وما عليهِ
فقلت له يا سيدي:
الحب وما يولدهُ
والحريةُ وما تنميه
والخيال وما ينجبهُ
والفكر وما يبنيه!
هذه هي الحياة بكل تفاصيلها وجمالها
والحياة تودُ أن تجلس على كرسي عرشها ممجدةً
لكيما نتناول المن من أيدي عرائس الصباح
ونرتشف الخمرة معطرةً بأنفاس الربيع
فأينما وجدت الحياة..
نُعاين الحب والجمال والحرية
فصرخَ الصوت المجهول بداخلي قائلاً:
الانسان يختار إما ان تولد الحياة بقلبهِ
فتولد كل أقانيمها في داخلهِ
أو أنه يعيش طوال عمرهِ في شقاء
ففي تلك الدقيقة نظرت الى قلبي
فوجدت المدامع تتلألأ في عينيه
والابتسام يراود شفتيه
وشعاع الحب يخترقهُ
فرأيت الجنة تولد في احشائهِ