في استطلاع بين الخارجين من قطاع غزّة لا يمكِن لمَنْ يُسْأل أن يُجيب إن كانوا جميعا، إسرائيل، حماس والسلطة، مسؤولين عن الوضع المُزفِّت، والشيطان أيضا.
عميره هَسْ
هآرتس، 2018/1/14 ترجمة: أمين خير الدين
يَسأل السجّان الرئيسي السجين الخارج لعطلة من يومَيْن إن كان سعيدا في السجن. كما ذكرتُ في نهاية الأسبوع، إن وحدة منسّق أعمال الحكومة في المناطق المحتلة تطلب من الأفراد المُخْتارين للخروج من القطاع ألاشتراك في الاستطلاع العام والإجابة على الاستمارة التي تحوي 17 سؤالا، أولها: هل أنتم سعداء؟
طلبت من الدكتور خليل شقاقي، مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، وقد أبدى رأيه عن الاستمارة. يُجري المركز الذي يديره منذ سنة 1993 استطلاعات للرأي العام بين الجمهورالفلسطيني، ويجري وينشر استطلاعا جديدا كل ثلاثة أشهر بالاشتراك مع معهد كونراد أديناور في رام الله. "لا يبدو لي أن الهدف من استطلاع منسق أعمال الحكومة في المناطق هو جمع معلومات مخابراتية"، هذا ما قاله شقاقي، "توجد رغبة لقياس مدى ارتياح الناس من الظروف الحالية وتنبوءاتهم للمستقبل".
من ناحية أخلاقيّة، يقول شقاقي، على المُسْتَطْلِعين في كل استطلاع أن يوضِّحوا للأشخاص أنّ لهم الحقّ في رفض الإجابة على الأسئلة الواردة في الاستمارة. ويُمْكِنهم رفض تعبئتها"- ومع ذلك، في الأيام من الثلاثاء وحتى الخميس، الأيام الثلاثة من الأسبوع الماضي التي جرى بها الاستطلاع، كما يحدد ذلك المنسق لأعمال الحكومة في المناطق. أن 150 رجلا وامرأة أجابوا على الاستمارة. لأنه يخرج يوميّا من قطاع غزّة حوالي 250 فلسطينيّا مع تصاريح، يبدو أنه لم يكن هنا إجبار. ومن المتوقع أن يستمر الاستطلاع اليوم (الأحد) وغدا، وحسب الناطقة بلسان منسق أعمال الحكومة في المناطق إن الاستطلاع يُنظَّم سنويا منذ سنة 2015.
كبير السجانين يتنكر لحصاره. كتبت الناطقة بلسان منسق أعمال الحكومة في المناطق: "كجزء من سياسة تقدّم وتطوير قطاع غزة، وحدة منسق أعمال الحكومة في المناطق، تُجري بواسطة مديرية التنسيق والارتباط في غزّة، من حين لآخر استطلاعات تهدف تشجيع خطوات مدنيّة لمساعدة السكان ولتطوير اقتصاد القطاع". يتعامل منسق أعمال الحكومة في المناطق مع قطاع غزة ككيان منفرد منكوب، وأنه هو، الجار الكريم والأصيل، يعرض مساعدته للسكان.
محطّة إيرز الطرفية مليئة بالكاميرات. وبيانات الداخلين والخارجين مسجلة في حاسوب منسق أعمال الحكومة في المناطق، إلى أبد الآبدين. كثيرون من الخارجين خضعوا لمساءلات ولتفتيش دقيق لدى المخابرات (الشاباك) أو سيخضعون لذلك عند عودتهم. بعض الأسئلة الواردة في استطلاع منسق أعمال الحكومة في المناطق مّنْ المسؤول عن الوضع المُزفَّت. وقد يجيب بعض الذين سيسألون أن حماس هي المسؤولة وليس إسرائيل، هل هذا هو رأيهم؟ كثيرون منهم يشعرون أنه ينبغي إرضاء السجّان؟ بالمناسبة، لم يُعْط الذي يُسْألون إمكانيّة الإجابة أن الجميع مسؤولون: إسرائيل، السلطة الفلسطينيّة/ فتح وحماس. والشيطان في جهنم أيضا.
يقول شقاقي،إن "صيغة الاستطلاع لا تبدو سيئة كثيرا، بينما كان بالإمكان أن تكون ترجمة بعض الكلمات أفضل وبعض الأجوبة(المُقْتَرَحة) غير ملائمة من الناحية التقنية. مثلا السؤال رقم 10: ’هل تؤمن بنجاح المصالحة‘ لا يُمكن أن تقترح الإجابة: أوافق، لا أوافق، أوافق جزئيا وهكذا. الجواب الملائم من الناحية التقنية يجب أن يكون: ’نعم، لا، ربّما نعم‘". نفس المشكلة بالنسية للسؤالين 2 و- 3 عن الوضع الاقتصادي (هل هو الأسوأفي السنوات الأخيرة) والاستقرار الأمني(هل سيستمر). يقول شقاقي، إمّا أن الترجمة سيّئة، أو أن واضعي الأسئلة والأجوبة غير مهنيين".
سؤال رقم 9 هو تثبيت: "بعد نقل المسؤولية لحكومة المصالحة، ستستمر حماس في جباية الضرائب من المواطنين". يقول شقاقي: "على المجيبين أن يجيبوا إذا كانوا يوافقون على هذا التثبيت. سيتساءل المُجيب طبعا: هل يريد واضعوا الاستطلاع أن أُتنبأ باحتمالات لواقع آتٍ، وأن أقوا إنني مع أو ضدّ؟ إذا كان هذا هو القصد، كان يجب أن تكون الصيغة الصحيحة: ’... على حماس أن تستمر في الجباية‘. يبدو لي أن تلهف واضعي الصيغة للاختصار أدّت إلى التضحية بالوضوح". أيضا ليس هناك تجانس في التعاريف، يضيف. مرة حكومة المصالحة ومرة حكومة الاتفاق. التعريف الأول واضح. بينما الثاتي – لا.
لقد وجد شقاقي الخطا المنهجي الأساسي في السؤالَيْن 10 و- 8: "السؤال 10 هو’هل تؤمن بنجاح المصالحة‘ بينما ذلك سابق لأوانه، السؤال 8 هو: ’مَن المسؤول عن حقيقة أن المصالحة لا تسير كما هو متوقّع؟ حماس، فتح أو آخر‘. لا يمكنك أن تقول الجواب لللآخرين في السؤال 8 ( أن المصالحة لا تسير،ع"ه)،وعندئذ، في السؤال 10، تسألهم عن آرائهم. هذا معناه ’أنّك تؤطّر الجواب‘. لا يمكن للأشخاص المحتاجين لتصريح منك، كي يجتازوا الحاجز، أن يشكّكوا في قرارك".
"وزيادة على ذلك، يبدو أن المقصود من ’لا يتقدّم كما هو متوقّع‘ أن الإجراء فاشل، وهذا لم يصرح به مباشرة. وأنت تتساءل في حيرة: هل فهم هؤلاء الناس الإشارة؟ من الناحية التقنيّة، ما كان ’مُتَوقَّعا‘ يمكن أن يكون نجاحا، أو فشلا أو بينهما"
برأي شقاقي، بُدِّد المجهود من البداية. العيّنة ليست نموذجيّة، ويمكن الافتراض أن الأجوبة ستتأثر برغبة الناس في الحصول على تصريح عبور الحاجز. "وبناء على هذه الاضطراريّات، من المتوَقّع أن تكون حماس سيّئة جدا ويُتَوقَّع من قليل من المجيبين أن يتهموا إسرائيل كمسؤولة عن معاناتهم. أنا كنتُ ساقترح على وحدة منسق أعمال الحكومة في المناطق أن توفِّر أموالها. ربما، ومن الطبيعي، أنه ليس لديها الموارد اللازمة لإجراء استطلاع كما ينبغي مع عيّنة نموذجيّة، أو ربما أنها لا تثق بواضعي استطلاعات فلسطينيّة".
2018/1/14