زايد صالح خنيفس
إن سألتني يا أبا جلال بصراحتِكَ المعهودة، أقولُ لكَ لقد عجَّلتَ الرّحيل، وإن سألتني مرّةً أخرى، أقولُ لكَ وأنتَ الرَّجُلُ المؤمن مثلي، نحنُ بني البشَر نبقى رهينةً بين يدي المولّى عزّ جلالهُ، فهو على كلِّ شيءٍ قَدير.
أبو جلال لقد كنتَ ذلكَ الإنسان المُخلِص لبيتكَ وعائلتِكَ، كم حدّثتَني مرارًا عن ابنتكَ المرحومة، فيفيان التي لم تفارق ذاكِرَتَكَ، بل بقيَت لوعةَ فراقُها محصورة في أعماق مشاعرِكَ، وأنتَ الّذي سافرتَ بها حول العالَم، باحِثًا عن كل بصيص شِفاء... كُنتَ تبحثُ عن ابتسامةٍ أو ضحكةٍ بين معارِفِكَ، تبحثُ عن الواجب، والقيام بالواجبات الاجتماعيّة تجاه أبناء مجتمعكَ، لم تُقَصِّر أبدًا مع أحدٍ، وكنتَ دائمًا سَبّاقًا لعمَلِ الواجب.
الكرَم كان رفيقكَ، والكريم هو عَزيزُ الله، كَم حَثَثتُكَ على الخروجِ إلى التّقاعُد، ولكنّكَ أصرّيتَ على الاستمرار بالعمل، وقلتَ لي، ما زِلنَا شبابًا. أبو جلال أيُّها المُسَجّى أمامي، وأنت الذي تنتظرُ حفيدُك الأّول، سأكشفُ لكَ سِرًّا قد يُفرِحُكَ، المولود الجديد يشبهُكَ بل وكأنهُ رسمكَ وإن شاءَ المولى سيحملُ اسمكَ وإن كان الكمالُ لله وحدهِ فأنتَ كمالٌ ستبقى بيننا طفلاً ورسمًا وذاكرةً خالدة.
أخي كمال ستبقى حيًّا بيننا... ستبقى ذكراكَ تداعب ذاكرتنا، وذكرُكَ سيظلُّ طَيِّبًا مدى الحياة. رحِمَكَ الله نسيبي... رحِمَكَ الله قريبي... رحِمَكَ الله ألف رحمة، إنَّ لله وإنّ إليهِ راجعون.