يتنافس بعض الكتّاب والصحفيّين (أمثال تسفي يحزقيلي، أبوحمزة/أرسين لوبين) و... والمتفلسفين العاملين في الإعلام الرأسماليّ الغربيّ والصهيونيّ والعربيّ الرجعيّ على وصف رئيس السلطة الفلسطينيّة (في الماضي ياسر عرفات، وفي الحاضر محمود عباس) بالخاسر الأكبر، كلّما تحرّك رئيس حكومة إسرائيل: عسكريًّا أو سياسيّا أو استيطانيّا أو ... أو فسادا، وكلّما عطس رئيس الولايات المتّحدة، و...، أو اجتمع بأحد الأخوة الفاسدين (وأنا مش كافر، بعد السماح من زياد الرحبانيّ)، وكلّما اجتمع حاكمان عربيّان، وكلّما ...، وكلّما سقطت "قذيفة" "ديمقراطيّة على دمشق، أو بغداد، أو بيروت، أو ... أو غزّة.
طبعًا، يصحّف هؤلاء الكلمات، كي يغرسوا الإحباط في صفوف الشعب الفلسطينيّ، وينشروا فكر التخوين والكسل الفكريّ، والسياسيّ، والنضاليّ و... وبالتالي، يستنتجون أنّ الخاسر الأكبر هو رئيس السلطة الفلسطينيّة، ويتمنون على الشعب الفلسطينيّ أن "يشلّخ" بعضه، وأن يرفع سقف الصراعات العدائيّة الداخليّة الجانبيّة، وأن يضع جانبًا التناقض الرئيسيّ مع الاحتلال وأعوانه وموبقاته، و"طزّ" بحقّ تقرير المصير، وبالثوابت الوطنيّة والقرارت الدوليّة و... والعربيّة. وعليه، فليكره الفلسطينيّ وطنه، وليسعَ المقتدرون منه إلى الهجرة، طبعًا ليس إلى البلاد العربيّة أو الغربيّة؛ فبلاد الله واسعة.
من الواضح أنّ الإدارة ألأمريكيّة، وحكومة إسرائيل، وبعض الحكّام العرب، والفلسطينيّن يعملون على تهميش عباس (ليس لانتقاداتنا له)، وعلى تحريف مسار الصراع نحو السلام، وعلى جعله مسارًا نحو الخراب والدمار الذاتيّ للفلسطينيّين، بادّعاء زائف نحو تدمير إسرائيل.
إنّ أكثر مَن يذكر تدمير إسرائيل هو بيبي نتنياهو، ناشر الرعب في نفوس الإسرائيليّن؛ كي يستثمر سيطرة على الناخب الإسرائيليّ ويكسب ثقته المأزومة وصوته المرهون؛ فهو يصرخ ويستغيث: "امسكوا الحرامي" ، لتبقى العتمة على قد يده، فيدّعي: إيران وحزب الله يريدان تدمير إسرائيل، والفلسطينيّون لا يريدون السلام بل ...، وعرب "الداخل"، مواطنو دولة إسرائيل، يتدفّقون بالباصات وبأعداد كبيرة إلى صناديق الاقتراع، ليتمكّنوا من إنهاء إسرائيل من الداخل؛ فانهضوا أيّها اليهود، وصوّتوا لحزب الليكود! (للمعلوميّة؛ تنفي تقارير المؤسّسات الأمنيّة والعسكريّة و... الإسرائيليّة، أنّ ثمّة خطر وجوديّ على إسرائيل).
يذكّرني طرح بعض "الأخوة" أنّ طريق التحرّر والسلام يبدأ بالتخلّص من رئيس السلطة الفلسطينيّة، بما كان يقوله أبو عمّار عندما كان أحد الشرفاء يعتب عليه ويقول له: لديّ انتقاد لك و...؛ فكان يردّ: وأنا لديّ انتقادان لي، وإذا عندك 100 انتقاد، أنا عندي 101. ثمّ يسأل ويتساءل: ولكن، قل لي ما البديل الأفضل؛ كي لا نفرّط بأيّ من الثوابت الوطنيّة؟
أراد المعلّقون، في وسائل الإعلام الإسرائيليّة، أن نستنتج بأنّ زيارة ولي "العهد" السعوديّ، محمّد ابن سلمان، إلى مصر، قد قضت على محمود عبّاس! وأنّ جزءا من المباحثات المصريّة السعوديّة كان حول إيجاد بديل للرئيس الفلسطينيّ!
"لحدّ هون وبسّ"، لن يقرّر هويّة الرئيس الفلسطينيّ، سوى الشعب الفلسطينيّ، ولن يقبل الشعب الفلسطينيّ، ولن يسمح بأيّ سيرورة لاختيار رئيسه غير الانتخابات الحرّة والنزيهة و... "فحطّطوا عن بغلتكم"!
بلاد ألفناها على كلّ حالةٍ وقد يؤلف الشيءُ الذي ليس بالحسن
ونستعذب الأرض التي لا هوًا لها ولا ماؤُها عذبٌ ولكنّها وطن
"فهذا وطننا واحنا هون".