فوضى الاعتراف بحقّ الآخر المختلف
راضي كريني
كتب الصحافي/الكاتب طلال سلمان مقالا معلّلا لماذا غابت جريدة "السفير" اليوميّة، قبل 15 شهرًا. وهو الذي أسّسها ورأس تحريرها منذ عام 1976، وحمّلها الشعار : "جريدة لبنان في الوطن العربيّ، وجريدة الوطن العربيّ في لبنان"، وكتب افتتاحيتها "على الطريق"، وهو مَن نجا من محاولة اغتيال لعدم رضوخه للضغوط/للابتزازات السياسيّة.
كتب طلال سلمان عن صعوبة، بل استحالة استمرار صدور "السفير" "في ظلّ التمزّق العربيّ والانعدام السياسيّ، وطغيان مناخ الفتن الطائفيّة والمذهبيّة، وسقوط الأحزاب السياسيّة، والنقابات، وسائر مؤسّسات العمل الثقافيّ والفكريّ والاجتماعيّ في هوّة الفراغ السياسيّ والحزبيّ والنقابيّ، اللّهمّ إلّا تلك التي ترعاها الهيئات والمنظّمات والأحزاب الطائفيّة".
ويستخلص طلال: "إنّ الوطن العربيّ بأقطاره المختلفة يعيش موته" ... و "الأحزاب والتنظيمات الطائفيّة تسمّم الجوّ وتُفسد الأجيال، أو تدفعهم إلى الابتعاد عن السياسة والعمل الحزبيّ (لا سيّما العقائديّ منه)".
واضح أنّ طلال سلمان يعيش أزمة المثقّف والسياسيّ العربيّ الفاقد لاعتراف الآخرين به، وبخدماته، وبمساهماته، و... ؛ فالآخر الموجود لا يعترف بسيادة القانون، ولا يرضخ إلّا لقوانين العصابة؛ فكيف لنا أن نتوقّع منه أن يعترف بقدرات و... وبتضحيات المثقّف، والمفكّر، و... وبشروط حياته، وعمله، وإنتاجه؟! خصوصا إذا كان الآخر هو رجل المشاعر السلبيّة، والمصالح الذاتيّة، يتّفق ويتناغم مع سلطة الدين، والمؤسّسات الدينيّة الذكوريّة، ويرتاح لانتشار التخلّف الحضاريّ، والفوضى، والعنف، والمخدّرات، و...، وارتداد الوعي ...،
لذا، فالمطلوب من المثقّف، الطرف الأعقل في الصراع، أن يكفّ عن تبادل الاتّهامات مع الآخر كمسؤول عمّا آلت إليه الأوضاع، من سيّئ إلى أسوأ، وأن يبدأ المعركة على جعل المستقبل أفضل من الحاضر المعيش، وعلى تشكيل السلطة العادلة والضامنة للاعتراف بحقوق وحرّيّة الجميع وفقا لدستور يراعي ويعكس مصالح المجموع المشتركة.
على المثقّف الثوريّ أن يترك الأحقاد، وأن يتحمّل مسؤوليّة أكثر وأكبر من الآخر في إنشاء وتطوير وتذويت المصالح المشتركة للمجتمع، وبناء الأمّة الغالبة لسلطة الدولة، والعابرة للقبيلة، وللدين، والطائفة و... والأقليّة القوميّة والدينيّة و...
على الثوريّ أن يلفظ الخائن لمصالح بلده من صفوفه، قبل أن يسمح للظالم المستعمر الأجنبيّ أن يهزأ بثورته، كما حدث بين أنور السادات ورونالد ريجان.
في ليلة ثورة "يوليو" كان السادات في السينما، افتعل عراكا، أدّى إلى فتح محضر في الشرطة؛ كي يثبت أنّه كان في السينما، إذا فشلت الثورة. فيما بعد، عندما التقى السادات كرئيس مصر بريجان الرئيس الأمريكيّ، الممثّل السابق، قال له: "في ليلة الثورة كنت في السينما، وحضرت أحد الأفلام من تمثيلك". فردّ ريجان: " إذن، أكون قد أسهمت في ثورتكم، وكان لي دور في نجاحها"!
فختاما، إنّا رأينا بعض الـ.... يدخلون الكازينوهات، فاحذروا أن يقول لكم ترامب: كان لي دور في قيام الدولة الفلسطينيّة!