بقلم د. نجيب صعب – ابو سنان
نهج الآباء والاجداد على مر العصور جاهدين في الحفاظ على الكيان العائلي رغم كل التطورات الايجابية منها أو السلبية، وتمشّت العائلة هذه أو تلك على عادات وتقاليد وانماط حياة ربما تتجانس معاً في العائلات، وقبل ذلك يمكنها ان تتجانس مع الاقسام الداخلية في العائلة ذاتها.
واذا كان الله قد بارك هذه العائلة او تلك بعدة اقسام او اجداد او اجباب كما يسمونها الناس والتي تختلف من قرية الى اخرى، ومن طائفة الى أخرى ، ولا يهم من اية طائفة كانت هذه العائلة او تلك العائلة، ففي كل عائلة مهما كبرت ومهما تفرّعت توجد تكتلات ، تحزّبات وانشقاقات تروق للبعض وفي كثير من الاحيان لا تروق للبعض ألآخر ، فترى المشاحنات تتفاقم والخلافات تبرز هنا وهناك والمنافسات تشتدّ ، ووطيس التناحر على النفوذ ، وعلى سبيل الدقة النتاحر يكون على بسط النفوذ على أكبر قسم من العائلة هذه أو تلك.
هذه ألأمور ما من شك تعود في الاساس وتنجم ايضاً عن عدة ركائز تشكّل المحرّك الاول لما ذكُر من أحوال، فالحسد، الغيرة ، العُقَد النفسيّة ، الحِقد، الطًّمع، الكراهية والبغضاء، وكذلك الشعور بالنقص لدى الكثيرين يسبب كثيراً من أحوال الارتباك، وكذلك يسبب ايضاً كثيراً من انواع المشاحنات التي اذا اذعن المرء في بعض الاحيان للواقع الصحيح حتى ولو كان قاسياً بالنسبة له، يمكنه التأكد والتيقن انه يدور في فراغ لا فيه ولا منه فائدة له ولغيره.
فترى وتلاحظ ايها الانسان في بعض الاحيان وبشكل لا يقبل التأويل، اناساً يدعون المعرفة ، وهم متعجرفون ، يكفرون بكل انجاز ويكفرون ايضاً بكل نجاح حققته هذه العائلة او تلك على يد أحد افرادها، فترى هؤلاء يقتلهم الحسد، وتقتلهم البغضاء ليس لعدم صلاحية هذا الانجاز او ذلك النجاح، وانما لغرض في نفس يعقوب لا يمت للواقع بأية صلة ، فترى هؤلاء ناقمين على كل شيء حتى على انفسهم في بعض الاحيان، نعم الامر في كثير من الظروف هكذا.. وعندها من باب ضعف الشخصية يطلق الواحد منهم على نفسه "قبضاي العيلة" على حد تعبيره، وهو في الحقيقة بعيداً بعد السماء عن الارض عن القبضنة، فهو حقاً جبان يكيل القدح والذم من باب التعقيد، والاستهزاء والهزل من باب الضعف، والاوصاف والالقاب من باب النقمة الفارغة التي لا تتركز الا على اوهام... وترى هذا النفر من الناس يسخرون من انفسهم وربما بايديهم او بهداية احد اقاربهم الذي يعيش هو الآخر في الوهم، وفي التلاعب الاجتماعي الذي هو نفسه لا يعرف معناه، ويغرق هؤلاء بالوهم أكثر وأكثر ، ويحلمون في اليقظة وقد يصدرون المناشير الموقعة بأسماء مجهولة ليثبتوا بذلك انهم جبناء، حقاً جبناء فلو كانوا من نوع القبضنة مثلاً لما لجأوا الى اخفاء اسمائهم او شخصيتهم، فهم حقاً أنذال وهم ايضاً دون اي وصف انساني، لأنهم بتصرفاتهم يشكلون ادنى الدركات الاجتماعية، وتفوهاتهم تنم عن نفوسهم وكذلك عن شخصياتهم، وقد يحكم عليهم الزمن على هذه الاحوال مدى الدهر.
فالى هؤلاء اقول صراحةً ، لا يمكن ايها الاخوة تغطية نور الشمس بالعباءة ، والحقيقة لا يمكن ان تخفى على أحد مهما تنكر لها الغير، والعصامية النابعة من الارادة من شأنها ان تقتل الحاسدين ، والمصطادين بالمياه العكرة ، ليس لاسباب موضوعية ، وانما لأسباب تافهة كأصحابها، لا منفعة فيها لأنفسهم ولا لعائلاتهم ولا لمجتمعهم، فالافضل لهؤلاء ان ينكبّوا على ادارة شؤون بيوتهم جيداً، ويسهرون بكل صدق على ذويهم ومصالح ذويهم عل الله سبحانه وتعالى يهديهم الى الطريق القويم ويوقظهم من سباتهم العميق الذي يصعب عليهم ان يستفيقوا منه ليدركوا كم يساوون هم في حياتهم وربما لمعادلة تدل عندها على الصفر ، حيث يدركون جيداً اذا تمكنوا من ذلك انهم من الاصفار التي تحافظ على منازلها فقط!!!
وأخيراً من الافضل للمرء ان يعيش في الواقع وان يقول لذاته صلب الحقيقة، والا يتهم الغير بتقصيره، ويكون اميناً مع نفسه، لأنه في هذه الامور تكمن الارادة التي هي بدورها تصقل الشخصية دون ان تتأثر بتصرفات الغير.