ذكرى خالدة - بقلم الدكتور محمد حسن الشغري- كفرياسيف
في الثامن والعشرين من شهر شباط لعام 2018 أحيت جماهير غفيرة في مملكة السويد الذكرى الثلاثين لاغتيال رئيس وزراء السويد الأسبق المرحوم أولوف بالمي بفعاليات ونشاطات مختلفة تليق بالمقام وبما قدمه للملكة ولدول عديدة في العالم من محبي الديموقراطية وحقوق الانسان والسلام العالمي، وتجلى ذلك في عدة مدن وفي المراكز والمؤسسات التي أقيمت وتحمل اسم المرحوم بالمي والذي اغتيل على يد مجهول حيث لم تتمكن الشرطة السويدية حتى الان التعرف على القاتل. وقد اغتيل بالمي في ليلة ال-28 يوم الأربعاء عام 1986 عندما خرج من السينما مع زوجته ليزبيت بعد مشاهدة فيلم سينمائي، ومنذ الإعلان عن وفاته بعد عملية الاغتيال والغدر لم تتمكن الشرطة من وضع يدها على المعتدي ألآثم ومؤخرا "ظنوا" أنهم تمكنوا من وضع يدهم على "شيء" لكن ذلك لم يكن كافيا وبقي الاغتيال لغز لم تفك طلاسمه حتى بعد من مرور ثلاثة عقود من الزمن ، ولى الرغم من الطاقم الخاص للموضوع والأسباب والمسببات وهل هنالك من "ربح" أو يربح منها؟؟ اشخاص الذين شكت الشرطة بانه ربما يكون لهم ضلع لكن دون جدوى!!! واللغز ما زال محيَرا على الرغم من وجود طاقم مهنيين ومتخصصين في اعمال ألاغتيال السياسي والاغتيالات ألاخرى لكنهم لم ينجحوا ولم يتمكنوا من وضع يدهم على أية معلومات أو ما يشير الى توفرها في مساعدتهم في الكشف عن المعتدي على الرغم من الاعتقالات والتحقيقات التي اجراها عدد من طواقم الشرطة والمحققين ويبقى اللغز دون حل،على الرغم أنه مؤخرا ذكروا عن وجود"أو اكتشاف دليل وحققوا في ألامر،لكن دون جدوى.
ولد أولوف بالمي في السويد في أل-30 من شهرآذار لعام 1927 وتزوج من ليزبيت عام 1956 وله ثلاثة أولاد ذكور هم: جوكاييم ومارتن وماتياس،اتخذه رئيس وزراء السويد ألاسبق تاجي ايرلاندار مساعدا ومستشارا له عام 1953 وبقي في هذا المنصب الى أن أصبح رئيسا لحزب العمل الاجتماعي الديموقراطي والذي اصبح أسمه الحزب الاشتراكي الديموقراطي واصبح شخصية قيادية مشهورة جدا محليا وعالميا وعينه ايرلاندار وزيرا للاتصالات عام 1965 ووزيرا للتربية والتعليم عام 1969(في تلك الفترة تعلمت أنا في جامعة ستوكهولم وكنت من الذين كانوا يشاركون في المحاضرات التي كان يقدمها لطلبة الجامعة وكنت مع معجب جدا به وتعرفت عليه خصوصا بعد أن حضر الى جامعة ستوكهولم المرحوم مارتن لوثر كينج الزعيم الأمريكي الأسود والذي اغتيل في أمريكا عام 1968كان يلقي محاضرات في جامعة ستوكهولم وكان صديقا للسويد ولاولوف بالمي) ايقنت ان له مكانة هامة جدا بالدول التي كانت تدوس حقوق الانسان وتظلم المواطن ولا تطبق مبدأ المساواة بين المواطنين في الدولة الواحدة وكان من معارضي نظام التفريق والفصل العنصري في جنوب افريقيا وظل ضد النظام مطالبا حزبا وحكومة دولة جنوب افريقيا بتحقيق المساواة وإلغاء الفصل العنصري والافراج عن الزعيم المعارض نلسون مانديلا وغيره من القادة الذين كانوا يقبعون في السجن وقاطعت حكومته دولة جنوب افريقيا الى ان تمَ الافراج عن مانديلا وغيره من سجناء الحرية،مانديلا والذي قاد النضال الى تحرير بلاده من التمييز العنصري والفصل بين السود مواطني البلد ألاصليين والمستعمرين الييض كانت حكومة السويد من أوائل الدول التي نادت بالحرية لمانديلا ووقف التمييز العنصري والفصل المنتهج على عهدها في تنفيذ كل ما طالبت به وفي أروقة الأمم المتحدة كانت من أوائل الدول التي التزمت بعدم بيع الأسلحة والمعدات الحربية لجنوب افريقيا والتزمت بالحصار الاقتصادي والتعامل معها ،وليس كما كانت تعمل دولة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط،كما انه كان من أول المناضلين ضد الحرب وهجمات أمريكا على فيتنام وان المظاهرات والتظاهرات التي كانت تنظم في مملكة السويد وخاصة في قراها الرئيسية كستوكهولم ومالمو وجيتيبورغ بمبادرة من الحزب الاشتراكي الديموقراطي ومن غيره من أحزاب أخرى كحزب اليسار والخضر كانت مظاهرات صاخبة تجري اما السفارة الامريكية وكان طلبة الجامعات ومن بينهم أنا نشارك ونرفع الشعرات المنددة بالعدوان الأمريكي على فيتنام،كما كان أول الذين نددوا بالحكم الدكتاتوري في اسبانيا وحكم فرانكو والذي حكم حتى عام 1975 ولم يحاول بالمى التملق لهذه الدول والتي كانت حريصة أن لا تغضبه فمركزها هام ومعروف في المنظومة الأممية ولها أهميتها الكبرى على الرغم من عدد سكانها والذي كان في تلك الفترة لا يتعدى الستة ملايين انسان(قبل موجة الهجرة الى هذا البلد بحيث اصبح فيه ما يقارب المليون انسان واليوم لا يتعدى التعداد السكاني أكثر من عشرة ملايين .المهاجرون وصل عدد أصحاب حق الاقتراع منهم في الانتخابات المقبلة البرلمانية والتي ستجري في التاسع من شهر أيلول المقبل والذي من المنتظر أن نغطيها إعلاميا نحو550 وهذه الانتخابات ستكون للبرلمان والبلديات والمجالس المحلية والإقليمية)هؤلاء بإمكانهم على الأقل ترجيح كفة الميزان للحزب الذي سيحظى بأصواتهم ويعلقون عليهم كثيرا وهنالك عدد من ألاحزاب بينهم قياديون مثل الحزب الحاكم الاشتراكي الديموقراطي وحزب الخضر وهما الحزبان اللذان يتشكل منهما ألائتلاف الحكومي وباقي الأحزاب في المعارضة،ونذكر منهم محمد كابلان إبراهيم بيليان وايزابيل دانغستان وامينه كاكابافين وغيرهم من ممثلي الحزب الحاكم وفي البرلمان نقرأ من عائلة الحاج وعدد لا بأس به من الذي اصولهم ليست سويدية،بل تركية وعربية فلسطينية وسورية ولبنانية وعراقية وغيرهم وهؤلاء يؤدون أدوارا هامة في الأحزاب التي ينتمون اليها،وانا قمت بنفسي واعددت الكثير من الاخبارواللقاءات والمقابلات ونشرتها في كتاب أصدرته عام 2013 تحت عنوان"أن تبقى شامخا"،ثم لا ننسى كم عمل المرحوم بالمي ضد الحكم الدكتاتوري في تشيلي -بين شيت،ولا ننسى انه كان من مناصري القضية الفلسطينية والحق الفلسطيني وعلى نهجه سارت سكرتيرة الحزب في حينه مونا سالين في الدفاع عن الحق الفلسطيني وإقامة الدولة لهذا الشعب حل الدولتين والاعتراض على ضم القدس الشرقية للحكم الإسرائيلي وضد اقام المستعمرات المستوطنات على الأراضي الفلسطينية وضرورة الانسحاب منها وكل احتلال من دولة لاخرى غير قانوني ويتناقض مع حقوق الانسان والشعوب وعليه ايدت القرارات الدولية 242 و334 وجميع القرارات التي تطالب الدول المحتلة بالانسحاب من الأراضي المحتلة واعترفت بدولة فلسطين التي تم الإعلان عنها مؤخرا وهذا اغضب حكومة إسرائيل وتوترت العلاقات بين الدولتين وعليه فان وزيرة خارجية مملكة السويد مارغوت فالستروم كانت "شخصية غيرمرغوب بقدومها الى البلاد" ولم يستقبلوها في وسافرت الى رام الله واليوم العلاقات فاترة جدا وأيضا بسبب مشاركة سويدية في السفينة التي حاولوا بها اختراق الحصار الإسرائيلي على غزة -سفينة مرمرة- وهنالك محاولات أخرى بمبادرات أناس من السويد لاختراق الحصار.
اذا السياسة الخارجية نفسها من نفس المرحوم بالمى محبة الشعوب ودعم القوى التقدمية وحق الشعوب في تقرير المصير والعيش بمحبة وأمن وأمان وسلم وسلام وحقوق محفوظة للجميع ومساواة حقيقية،والمرحوم كان على رأس هؤلاء الزعماء والقادة وكانت له علاقات طيبة ووطيدة مع العالم العربي واليوم أصبحت اللغة العربية اللغة الثانية الرسمية في السويد،رحمة الله عليك ولتكن ذكراك خالدة ونأمل أن يتم الكشف على من اغتالك..ولا تنسوا دور السويد والنرويج في توقيع معاهدة أوسلو عام 1993!!!!