اَلصَّيَّادُ وَالْبَلَابِلُ
د. منير موسى
(قصة للأطفال)
كَانَتِ الْبَلَابِلُ تُغَرِّدُ
بِأَصْوَاتِهَا الْحَسَنَةِ
بَيْنَ الْكُرُومِ وَالْبَسَاتِينِ،
نَهَارًا وَلَيْلًا فَرِحَةً.
وَكَانَتْ تَأْكُلُ الثِّمَارَ
بِمَنَاقِيرِهَا الْمَعْقُوفَةِ
الصَّغِيرَةِ،
وَتَشُمُّ الْأَزْهَارَ الْبَرِّيَّةَ.
وَكَانَتِ الْبَلَابِلُ
تَسْمَعُ أَصَوْاتَ الصُّقُورِ،
وَخَاصَّةً عِنْدَمَا تَعْطَشُ،
أَوْ تَجُوعُ،
فَتَشْعُرَ بِالْخَوْفِ مِنهَا،
مَعْ أَنَّهَا بَعِيدَةٌ عَنْهَا
وَتُغَنِّي:
مِنَ الصُّقُورِ نَهْرُبُ
نَطِيرُ، وَلَا نَتْعَبُ
مِنَ الْبِرْكَةِ نَشْرَبُ
وَالصُّقُورُ طُيُورٌ كَبِيرَةٌ
مُفْتَرِسَةٌ،
تَتَغَذَّى عَلَى الْحَيَوَانَاتِ
الصَّغِيرَة وَالطُّيُورِ.
وَعِنْدَمَا جَاءَ فَصْلُ الشِّتَاءِ،
أَصْبَحَتِ الرِّيحُ بَارِدَةً.
خَافَتِ الصُّقُورُ
أَنْ يَقِلَّ طَعَامُهَا؛
وَقَالَتْ:
" نَحْفَظُ مَاعِنْدَنَا
مِنَ الطَّعَامِ،
وَنَذْهَبُ
إِلَى حَيْثُ تَسْكُنُ الْبَلَابِلُ.
فَهُنَاكَ نَجِدُ طَعَامَنَا
الطَّيِّبَ مِنَ الْأَرَانِبِ،
الْقِطَطِ الْبَرِّيَّةِ،
الزَّوَاحِفِ وَالطُّيُورِ!"
وَطَارَتِ الصُّقُورُ
فِي الْجَوِّ مُسْرِعَةً.
وَعِنْدَمَا اقْتَرَبَتْ
إِلَى الْبَسَاتِينِ وَالْكُرُومِ؛
خَافَتْ مِنْهَا الْبَلَابِلُ؛
وَهَرَبَتْ،
وَهِيَ تُغَنِّي:
عَيْنُ الصَّقْرِ كَالنَّارِ
فَلَا نَرْضَاهُ بِالْجَارِ
نُصَاحِبُ عُصْفُورَ خُضَّارِ
تَصَيَّدَتِ الصُّقُورُ،
أَكَلَتْ؛ حَتَّى شَبِعَتْ،
وَسَكَنَتْ هُنَاكَ
وَغَنَّتْ:
نَحْمِلُ الصَّيْدَ بِالْمَخَالِبِ
نُحِبُّ لَحْمَ الْأَرَانِبِ،
الْحَمَامِ وَالسَّنَاجِبِ
جَاعَتِ الْبَلَابِلُ؛
وَضَعُفَ جِسْمُهَا!
وَكَانَ صَيَّادٌ،
اِسْمُهُ شُجَاعٌ،
يَحْرُسُ تِلْكَ النَّوَاحِي،
وَقَدْ صَاحَبَتْهُ الْبَلَابِلُ؛
لِأَنَّهُ كَانَ يُطْعِمُهَا
مِنْ طَعَامِهِ،
يَسْقِيهَا الْمَاءَ،
وَيَحْمِيهَا.
وَأَحَبَّهَا؛
لِأَنَّهَا كَانَتْ تَقْطُفُ
لَهُ حَبَّاتِ التِّينِ،
وَالتُّوتِ
عَنِ الْفُرُوعِ الْعَالِيَةِ؛
وَتَحْمِلُهَا إِلَيْهِ
فِي مَنَاقِيرِهَا؛ لِيَأْكُلَهَا.
وَأَحَبَّ تَغْرِيدَهَا؛
لِأَنَّهُ كَانَ يُفْرِحُهُ،
وَيُبْعِدُ الْحُزْنَ عَنْهُ.
عَرَفَ شُجَاعٌ
بِقِصَّةِ الصُّقُورِ؛
فَجَاءَ بَعْدَ أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ،
وَاصْطَادَهَا جَمِيعًا.
سُرَّتِ الْبَلَابِلُ،
وَأَسْرَعَتْ إِلَيْهَا الْعَصَافِيرُ،
وَقَالَتْ لَهَا:
" غِنَاءُ الْبَلَابِلِ،
وَسَقْسَقَةُ الْعَصَافِيرِ
تَزِيدُ الطَّبِيعَةَ
وَالْحَيَاةَ جَمَالًا!
وَغَنَّوْا مَعًا:
شُجَاعٌ صَيَّادُنَا
مَا عَادَ شَيْءٌ يُخِيفُنَا
صَارَتْ سَهْلَةً حَيَاتُنَا
نُغَرِّدُ
وَنَسْعَدُ
==