{قصّة للأطفال}
عَاشَ فِي أَحَدِ الْبَسَاتِينِ
هُدْهُدٌ،
يَأْكُلُ الْحَشَرَاتِ
فَرِحًا.
وَطَيْرُ الْهُدْهُدِ
لَوْنُهُ بُنِّيٌّ فَاتِحٌ
جَمِيلٌ.
لَهُ عُرْفٌ عَلَى رَأْسِهِ.
أَطْرَافُهُ مُرَقَّطَةٌ
بِالرِّيشِ الْأَسْوَدِ.
وَنِصْفُهُ الْأَسْفَلُ أَسْوَدُ،
مُرَقَّطٌ بِالرِّيشِ الْأَبْيَضِ.
يَتَغَذَّى عَلَى الْحَشَرَاتِ.
وَهُوَ صَدِيقُ الْفَلَّاحِينَ؛
لِأَنَّهُ يُنَظِّفُ الْأَرْضَ
مِنَ الدِّيدَانِ وَالْيَرَقَاتِ.
وَكَانَ جَارُ الْهُدْهُدِ
صَقْرًا،
يُحِبُّهُ،
وَيَزُورُهُ أَحْيَانًا.
وَفِي أَحَدِ أَيَّامِ الشِّتَاءِ،
جَاعَ الْصَّقْرُ.
وَقَالَ فِي نَفْسِهِ:
" أَتَغَذَّى الْيَوَمَ
عَلَى الْهُدْهُدِ!"
فَغَفَّهُ، وَحَمَلَهُ
فِي مَخَالِبِهِ الْقَوِيَّةِ؛
وَالْهُدْهُدُ يسْتَنْجِدُ
بِالْفَلَّاحِ صَاحِبِهِ صَارِخًا!
صَاحَ الْفَلَّاحُ،
وَعَوَتْ كِلَابُهُ،
لَكِنْ، بِدُونِ جَدْوَى!
نَقَّ الْهُدْهُدُ
بِمِنْقَارِهِ الطَّوِيلِ الْحَادِّ
رِجْلَ الصَّقْرِ؛
فَسَالَ دَمُهُ،
وَلَمْ يَشْعُرْ!
وَقَالَ:
" إِذَا كُنْتَ بِالْحَقِيقَةِ
صَاحِبِي؛
فَضَعْنِي
عِنْدَ غَدِيرِ مَاءٍ.
فَأَنَا عَطْشَانُ؛
وَأُرِيدُ أَنْ أَشْرَبَ،
وَأَنْتَ عَلَيْكَ
أَنْ تَرْتَاحَ،
وَتُدَاوِي رِجْلَكَ!
وَافَقَ الصَّقْرُ؛
وَحَطَّ عَلَى صَخْرَةٍ
قُرْبَ غَدِيرِ مَاءٍ.
وَبَكَى؛
عِنْدَمَا رَأَى الدَّمَ!
سَائِلًا مِنْ رِجْلِهِ
وَقَالَ لِلْهُدْهُدِ:
" اِذْهَبْ؛
وَأَحْضِرْ لِيَ دَوَاءً!"
فَأَجَابَ الْهُدْهُدُ: "حَاضِرٌ!"
وَفَرَّ طَائِرًا مُسْرِعًا
عَائِدًا إِلَى الْبَسَاتِينِ!
وَقَفَ عَلَى كَتِفِ الْفَلَّاحِ
صَاحِبِهِ بَاكِيًا
مِنَ الْفَرَحِ،
وَكِلَابُهُ تَرقُصُ!
وَغَنَّوْا جَمِيعًا:
نَمْرَحُ فِي السُّهُولَ
وَالْبَرَارِي
أَنَا -الْفَلَّاحَ-
أُحَامِي عَنْ جَارِي
أَنَا -الْهُدْهُدَ-
نَجَوْتُ مِنَ الْغَدَّارِ
نَحْنُ -الْكِلَابَ-
حُرَّاسٌ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ!
نُحِبُّ الطَّبِيعَةَ
كَحُبِّ السُّفُنِ لِلْبِحَارِ.
اَلْمَغْزَى هُوَ: مَنْ يَغْدُرْ صَاحِبَهُ،
يَخْسَرْ وُدَّهُ، وَيَنْدَمْ!
- حقوق الطّبع محفوظة للمؤلّف
اَللَّقَالِقُ وَالْجِدْيَانُ
***
عَاشَ رَاعِي مَوَاشٍ، اِسْمُهُ شُجَاعٌ، فِي ضَيْعَةٍ جَبَلِيَّةٍ، اِسْمُهَا الْفُلّيَّةُ؛ لِكَثْرَةِ نَبَاتِ الْفُلِّيَّةِ الْعُشْبِيِّ فِيهَا. زَهْرُهُ عِطْرِيٌّ؛ قَوِيُّ الرَّائِحَةِ، يُقَطَّرُ، وَيُتَدَاوَى بِهِ. تَعَوَّدَ الرَّاعِي شُجَاعٌ عَلَى الْخُرُوجِ فِي الصَّبَاحِ الْبَاكِرِ إِلَى الْمَرَاعِي. وَكَانَ يُتْقِنُ الْعَزْفَ عَلَى شُبَّابَتِهِ النُّحَاسِيَّةِ الَّتِي انْبَعَثَتْ مِنْهَا أَلْحَانٌ شَجِيَّةٌ؛ حَيْثُ كَانَ يَطْرَبُ لَهَا الْقَطِيعُ. وَكَانَتِ الْعَصَافِيرُ، وَالطُّيُورُ دَائِمَةَ السَّقْسَقَةِ، وَالتَّغْرِيدِ، والرَّفْرَفَةِ عَلَى الْأَعْشَابِ، وَالْأَشْجَارِ الْقَرِيبَةِ مِنْهُ. وَذَاتَ يَوْمٍ جَاءَتْ أَسْرَابُ اللَّقَالِقِ رَاغِبَةً اللَّعِبَ مَعَ الْجِدْيَانِ. وَعِنْدَمَا بَصُرَتْ بِهَا الْعَصَافِيرُ وَالطُّيُورُ خَافَتْ؛ وَابْتَعَدَتْ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا كَبِيرَةُ الْحَجْمِ، وَتَأْكُلُ الْأَفَاعِيَ وَالضَّفَادِعَ. وَقَالَتِ الْجِدْيَانُ لِلَّقَالِقِ: " نَحْنُ سُودٌ، وَأَنْتُمْ بِيضٌ؛ فَكَيْفَ نَتَفَاهَمُ؟" أَجَابَتِ اللَّقَالِقُ: " لَا يَهُمُّ اللَّوْنُ، فَجَمِيعُنَا خِلْقَةُ اللهِ الْمُحِبِّ؛ وَكُلُّنَا إِخْوَةٌ!" وَنَظَرَتِ اللَّقَالِقُ فِي عُيُونِ بَعْضِهَا الْبَعْضِ بِسُرُورٍ؛ وَغَنَّتْ مَعَ الْقَطِيعِ:
لَنَا السَّنَا، ضِحْكُ النَّدَى
كُلُّ الدُّنَى، نُورُ الْهُدَى
أَشْهَى الْجَنَى، حُلْوًا بَدَا
حُبُّ الْغِنَا ، عُودٌ شَدَا
فَرِحَ الْقَطِيعُ؛ وَرَعَى فِي طُمَأْنِينَةٍ؛ وَعِنْدَمَا عَطِشَ، لَمْ يَهْتَدِ إِلَى عَيْنِ مَاءٍ. وَأَصْبَحَتِ الْجِدْيَانُ، وَالْحُمْلَانُ تَثْغُو؛ فَسَمِعَتْهَا اللَّقَالِقُ؛ وَطَارَتْ نَحْوَ الْوِدْيَانِ الْبَعِيدَةِ؛ وَمَلَأَتْ مَنَاقِيرَهَا الْحَمْرَاءَ بِالْمَاءِ الصَّافِي الزُّلَالِ. وَعَادَتِ اللَّقَالِقُ مُحَلِّقَةً فِي الْجَوِّ؛ تَخْفِقُ بِأَجْنِحَتِهَا الْبَيْضَاءِ الْكَبِيرَةِ. وَحَطَّتْ عَلَى الْأَرْضِ؛ وَأَفْرَغَتِ الْمَاءَ فِي الْغُدْرَانِ الْفَارِغَةِ؛ حَتَّى امْتَلَأَتْ. وَعِنْدَهَا، شَرِبَ الْقَطِيعُ؛ وَرَتَعَ عَلَى الْأَعْشَابِ الْخَضْرَاءِ مُصْغِيًا إِلَى صَوْتِ الشُّبَّابَةِ. لَكِنَّ لَقْلَقًا غَبِيًّا لَبِسَ لَهُ جِلْدَ جَدْيٍ؛ وَرَجَعَ مَعَ الْقَطِيعِ الْعَائِدِ إِلَى الصِّيرَةِ. وَقَالَ فِي ذَاتِ نَفْسِهِ:" أَخْطَفُ حُمْلَانًا وَجِدَاءً؛ وَأَبِيعُهَا؛ وَأَشْتَرِي بِثَمَنِهَا حَيَّاتٍ وَضَفَادِعَ؛ لِأَنِّي أُحِبُّهَا!" لَكِنَّ اللَّقْلَقَ الْغَبِيَّ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَبِيعُهُ الْحُمْلَانَ، وَالْجِدَاءَ الَّتِي سَرَقَهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ عَرَفَ أَنَّهَا مَسْروُقَةٌ رَفَضَ شِرَاءَهَا! وَفِي ظَهِيرَةِ أَحَدِ الْأَيَّامِ الْحَارَّةِ، أَتَى اللَّقْلَقُ الْمُتَخَفِّي إِلَى الْمَرَاعِي؛ حَيْثُ كَانَ الْقَطِيعُ يُفَتِّشُ عَنْ طَعَامِهِ. وَعِنْدَمَا عَضَّهُ نَابُ الْجُوعِ، بَكَى؛ فَمَيَّزَهُ الرَّاعِي مِنْ صَوْتِهِ! فَقَالَ لَهُ: " فِرَاخُكَ هَذِهِ تَبْقَى عِنْدِي، وَأَنَا أُطْعِمُهَا، وَأَعتَنِي بِهَا، وَلَا تَقْدِرُ أَنْ تَأْخُذَهَا إِلَّا إِذَا اعْتَرَفْتَ بِذَنْبِكَ، وَذَهَبْتَ، وَأَحْضَرْتَ الْحُمْلَانَ، وَالْجِدَاءَ الْمَسْرُوقَةَ! فَعِنْدَهَا، أُطْلِقُ سَرَاحَكَ أَنْتَ أَيْضًا! فَأَسْرَعَ اللَّقْلَقُ الْغَبِيُّ؛ وَأَرْجَعَ الْحُمْلَانَ وَالْجِدَاءَ إِلَى الرَّاعِي شُجَاعٍ! وَقَفَ أَمَامَهُ؛ وَطَأْطَأَ رَأْسَهُ، وَطَارَ نَادِمًا حَامِلًا فِرَاخَهُ عَلَى ظَهْرِهِ! فَنَظَرَ إِلَيْهِ الرَّاعِي، وَهُوَ فِي الْجَوِّ، وَقَالَ لَهُ: " كُلُّ مَنْ يَأْخُذُ مَا لَيْسَ لَهُ يُدْعَى سَارِقًا؛ وَلَا بُدَّ أَنْ يَنْكَشِفَ أَمْرُهُ؛ وَيَنْقُصَ قَدْرُهُ. فَالْإِنْسَانُ الْوَفِيُّ يَرْبَحُ وُدَّ، وَاحْتِرَامَ جَمِيعِ النَّاسِ!"
*
الطَّبِيعَةُ غِنْوَةٌ
وَالْحَيَاةُ حُلْوَةٌ
***
ص 4
لَا أُغَيِّرُ مَسِيرِي
أَنَا الشَّمْسُ بِنْتُ النُّورِ
مِنَ الشَّرْقِ شُرُوقِي
وَفِي الْغَرْبِ غُرُوبِي
**
ص5
أَنَا الْقَمَرُ أُضِيءُ اللَّيَالِي
تُعَيِّدُونَ الْفِطْرَ عَلَى هِلَالِي
فَرَحُكُم بِالْعِيدِ عَلَيَّ غَالِي
**
أَنَا السَّمَاءُ
كَالْبَحْرِ زَرْقَاءُ
شُوفُوا نُجُومِي
وَالْمَاءَ فِي غُيُومِي
**
ص 6
أَنَا الْبَحْرُ
يَسْكُنُ بِمَائِيَ الْحَيَوَانُ
يَزُورُنِي الطَّيرُ
وَالسُّفُنُ تَعْبُرُ
سَمَكِي طَيِّبٌ
أَعْشَابِي طَعَامُ
حَيَاتِي سَلَامُ
**
7ص
أَصْحَابِيَ الْأَطْيَارُ
أَنَا الْغَيْمُ
مِنِّيَ الْأَمْطَارُ
تَفْرَحُ بِهَا الْأَشْجَارُ
وَالْأَزْهَارُ
**
ص 8
أَنَا النَّهْرُ الْجَارِي
أَسْقِي الْبَسَاتِينَ وَالْبَرَارِي
فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ
**
ص9
أَنَا الْوَادِي
صَدِيقِي طَيْرٌ شَادِي
شُبَّابَةُ الرَّاعِي تَشْدُو بِأَلْحَانِي
وَأَسْقِي عُبْرَانِي
**
10
كُلُوا مِنْ شَجَرِي وَزُرُوعِي
أَنَا الْأَرْضُ
وَاشْرَبُوا مِنْ يَنْبُوعِي
فَيَخْتَفِي الْمَرَضُ
**
ص11
أَنَا الصَّحْرَاءُ صَفْرَاءُ
قَلِيلٌ عِنْدِيَ الْمَاءُ
تَبْنُونَ الْبُيُوتَ مِنْ رِمَالِي
وَتُسَافِرُونَ عَلَى جِمَالِي
وَجَمِيلَةٌ جِبَالِي
**
ص 12
أَنَا الْغَابَةُ، خَشَبِي لِلنَّجَّارِ
فَاسْمَعُوا غِنَاءَ أَطْيَارِي
أُطْعِمُ الْبَانْدَا النَّغِشَ
ثِمَارَ أَشْجَارِي
**
أَنَا الْجَبَلُ
اَلْكُلُّ يَرَانِي
يَشْرَبُ النُّسرُ مِنْ غُدْرَانِي
قَوِيٌّ حَجَرِي كَالصَّوَّانِ
**
ص 13
أَنَا التَّلُّ
عَلَى الْبَلَدِ أُطِلُّ
عِنْدِيَ التِّينُ وَالصَّبْرُ
وَيُغَرِّدُ لِيَ الْبُلْبُلُ
تَنَبَّهُوا مِنْ ثَعَالِبِي
أَنَا كَرْمُ الدَّوَالِي
كُلُوا وَرَقِي وَعِنَبِي
وَنَامُوا فِي ظِلَالِي
**
ص 14
أَنَا الْبَرُّ وَالْوَعْرُ
عِنْدِيَ الْحَيَوَانُ وَالطَّيْرُ
يَصْطَادُهَا الصَّقْرُ، اَلْأَسَدُ وَالنَّمِرُ
**
15ص
أَنَا النَّبْعُ فِي أَوَّلِ الْجَبَلِ
أُحِبُّ تَغْرِيدَ الشُّحْرُورِ وَالْحَجَلِ
أَسْقِي كُلَّ عَطْشَانِ
يَصِيرُ صَاحِبِي؛ فَلَا يَنْسَانِي
**
ص 16
أَنَا السَّهْلُ الْأَخْضَرُ
عِنْدِيَ الْفَوَاكِهُ وَالْخُضَارُ
أَحْلَى عَصَافِيرِي
هُوَ الْخُضَّارُ
أُحِبُّ فَلَّاحِي
بَطِّيخِي مُنْعِشُ الرُّوحِ
وَاَلْخُبْزُ طَيِّبٌ مِنْ قَمْحِي
**
ص 17
أَنَا فَرَسُ النَّهْرِ السَّعِيدُ
مِنْهُ أَشْرَبُ،
وَحُبِّي لَهُ يَزِيدُ
أُحِبُّ عُشْبَ الْبَرَارِي،
وَإِلَيْهَا أَعُودُ
**
ص 18
أَكْبَرُ الْحَيَوَانَاتِ
أَنَا الْكَرْكَدَنُّ ابْنُ الْغَابَةِ
أَكْرَعُ الْمَاءَ مِنَ الْبِرْكَةِ،
وَأَرْعَى الْحَشَائِشَ فِي فَرْحَةِ
وَحِيدُ الْقَرْنِ أَنَا
أَعِيشُ فِي الْهَنَا
جَرِّبُوا صَدَاقَتِي
جِسْمِي ثَقِيلٌ، وَأَجْرِي بِسُرْعَةِ
**
ص 19
مَلِكُ الْغَابَةِ
أَعِيشُ فِي سَعَادَةِ
أَنَا الْأَسَدُ
لَا يَقْتَرِبُ مِنِّيَ أَحَدُ
لَا فِيلٌ وَلَا فَهْدُ
وَلَبْوَتِي تَتَصَيَّدُ
**
ص 20
لَا تَصِلُ إِلَيَّ الْعَتْمَةُ
أَنَا الْبُحَيْرَةُ
يُضِيئُ عَلَيَّ الْقَمَرُ
مِنْ عِنْدِي يَخْرُجُ النَّهْرُ
حُلْوٌ عَلَى شَطِّيَ السَّهَرُ
**
ص 21
أَنَا الْهَوَاءُ، مَنْ يَرَانِي؟
أُوَصِّلُ لَكُمُ الْأَغَانِي
فَلَا حَيَاةَ بِدُونِي
لِلْإِنْسَانِ، النَّبَاتِ وَالْحَيَوانِ
*