هذا القول تردد ويتردد بين الحين والاخر , وسيبقى هكذا على مدى الدهور من جيل الى جيل , ومن عهد الى عهد , ومن فترة الى اخرى , يُسمع هنا وهناك بين الافراد والجماعات , ويؤثر في بعض الاحيان على سامعيه , وربما يتبعونه ويغيّرون رون من نهجهم ومن تعاملهم اليومي مع الاخرين في اتجاه هذا القول .
ففي ألحقيقة, الانسان في حياته المتقلبة وتطورات زمانه المتغيره من آن لاخر , يمكنه ان يدرك وبنفسه, ان حلاوة اللسان المتمثلة بالكلام العذب والرقيق , بالكلام الموزون وبطلاقة اللسان بالالفاظ الليّنة والالفاظ المنعشة والتي توحي بالانسانية وبالتعامل الطيّب والمقبول , لا شك ان هذا وغيره من هذا القبيل يضع الانسان في موقع مرموق اجتماعيا على الاقل , وربما يكون موضعا للثناء ولطيب الخلق وطيب الاعمال والسيرة الحسنة .
حلاوة اللسان يمكنها ان تكف كثيرا من الشرور ومن زلات اللسان التي يمكنها ان تعود على صاحبها بالسلبيات , حلاوة اللسان يمكنها ان تعكس صورة حقيقية عن صاحبها , ويمكنها ان تصنفه في مجموعة الصنف الاحسن والافضل من الرجال , حلاوة اللسان يمكنها ان تكون سببا رئيسيا في تطور وتقدم وعلو شأن صاحبها لطراوتها ولاسلوبها اللين والسلس , حلاوة اللسان تسهم وبدون شك في التروي والتريث واتخاذ الامور بجدية وبمسؤولية , ولا شك تكون نتيجتها ايجابية , حلاوة اللسان تضفي دائما على صاحبها رونقا جذابا وتمنح صاحبها صفات خلاقة قد يشعره بها الكثيرون من خلال معاملاتهم واتصالاتهم واحتكاكاتهم اليومية معه ومع الاخرين , وحلاوة اللسان تجلب للمرء من القريب والغريب , ومن القاصي والداني الثناء والسيرة الحميدة , الامر الذي يتوّج صاحبه بالأخلاقيات , ويرفع من مكانته بين اهله وذويه وفي صفوف محيطه ومجتمعه .
ومن ناحية اخرى يكون هذا اللسان ان لم تكن فيه حلاوة معينة في كثير من الاحيان سببا في جلب المشاكل ودعوة الاشكالات بدون منازع , وقد يجلب الويلات والدمار على المرء نفسه , وابعد من ذلك قد يضيّع على صاحبه الفرص الذهبية وقد يسيئ لصاحبه ان كان انسانا مفردا او مجموعة او مؤسسة او قائدا دينيا كان ام دنيويا , سياسيا او اجتماعيا وغير ذلك , وربما يكون هذا اللسان اذا خلا من الحلاوة ايضا مصدرا للشر ومحركا للخلاف والنفور والتباعد على صعيد الفرد والمجموع , وكثيرا ما يكون تدهور امور الانسان وتصدعها في لسانه , ذلك نتيجة تفوهات وكلمات مرفوضة قد تصدر عنه .
واذا القينا نظرة خاطفة ودقيقة في صفوف المجتمع , لوجدنا وبكل وضوح ان كثيرين من الناس كل حسب عمله ونمط حياته , منهم من يكون عذبا في كلامه وفي تعامله مع الغير , ان كان في العمل , في البيت مع اسرته وذويه , وتراه محبوبا ليّن الجانب , يعزه الكثيرون ويثنون عليه ويرغبون دائما في التقرب منه ومجالسته .
ونرى ايضا اناسا على العكس تماما , معاملتهم غير مقبولة , شريسي الطباع , يظهر ذلك على السنتهم من خلال التعامل , عبوسي الوجه , شديدي اللهجة, وغير مبالين بتنتائج هذه التصرّفات , ونهجهم ينعكس سلبا عليهم , في البيت في العمل وبين الناس , هذا يتضح اكثر بكلماتهم النابية , بتفوهاتهم غير المرغوبة وبمعاملاتهم المنبوذة , عند هذه التصرفات ومثيلاتها لا بد الا ان نلاحظ ان صاحب مثل هذه التصرّفات يقبع لوحده , يبتعد عنه الكثيرون , يتركونه يتخبط في عبوسه وشدة لهجته وبتصرفاته السلبية , نراه غير مرغوب فيه , يهجره الكثيرون وحتى من اقرب الناس عليه , ومن اعز الناس عليه, نتيجة لانفراده في نهجه المرفوض .
الامثلة في الحالتين كثيرة , وكل امرئ يلاحِظ , ويلاحِظ عن كثب , ويُدرك ويميز بين الحالتين , وطبعا يستخلص العبر لوحده ويتخذ بناء على ذلك القرار المناسب , ويلاحِظ المرء وبدون عناء مدى تأثير كل حالة من الحالتين على صاحبها ايجابيا كان ام سلبيا .
وقد يتدارك البعض نتيجة تصرفاتهم ويعملون على تعديلها او تغييرها قدر المستطاع , وعلى الغالب يكون التحول نحو الافضل .
لذا وبناء على ما ذكر , جدير بالمرء ايا كان واينما كان , ان يدرك تمام الادراك , ان سلامته في كثير من الاحيان من مختلف النواحي الانسانية , الاجتماعية , الثقافية والصحية, تكون مقرونة في غالب الاحيان بمدى حلاوة لسانه والعكس بالعكس , وعليه فحلاوة اللسان دائما وفي كل مكان وزمان , هي عنوان ايجابي للمرء , يعزز من مكانته ويرفع من كرامته ويزيد من احترامه بين الناس.