ماء الحياة بقلم: هدى أمّون
تتبعثر الكلمات من رأسي في كل مرة أحاول فيها الكتابة عما يجول داخلي من أفكار. فأتلعثم كشخص لا يعرف الكلام. ويبقى قلمي، والحبر ينساب، ينتظر أن أستجمع أفكاري المتلاشية في زوايا عقلي. فتبوء جميع محاولاتي بالفشل؛ عندما تتحول أفكاري الى سراب كعود كبريت يشتعل. فتتحول في برهة الى دخان. وهذه هي نقطة التحول لجميع الأمور. فكيف يمكن للأشياء الصغيرة أن تحدث تغييرا كبيرا. فدروس الحياة الصغيرة منها والكبيرة قد تجعل منا أشخاصا مختلفين. فمنا من يصبح أقوى، ومنا من يصبح أشجع وأتعس متقبلا لحاله. ومنا من يغير بعض أفكاره أو بعض أساليب حياته. وذلك بسبب تفكيرنا المختلف، آرائنا، مبادئنا ومعقداتنا، أو تقاليد بعض المتشبثين بها. وكأنهم يحيون الموتى، ولكنهم على العكس يميتون أنفسهم مع موتاهم. فالعصر يتغير، كما أن العمر يتقدم، والفكر يتسع، وعقلنا ينضج. يجب أن نغير عادات ما فات ومات. فهم قد تركوا لنا الأرض، ونحن ما زلنا نجرحها بحروبنا وبجهالاتنا. ولكن أفضل ما يمكن أن يحصل لنا من تغير هو القناعة، القناعة الذاتية، بحيث أن تنفذ ما أنت مقتنع به، وليس بسبب كبريائك وكيانك. فمهما حاول البشر من حولك تغيير تلك الفكرة التي تشبثت فيك بقوة، لن يستطيعوا انتزاعها ورميها؛ لأنك مقتنع أشد الاقتناع بأن هذا الأمر هو الصحيح من أجلك، من أجل نفسك وذاتك. وهنا، لا مكان للأنانية. فمنذ أن بدأ جميع من حولك يفكرون بأنفسهم فقط، واستغلوا طيبتك لاحتياجاتهم الذاتية بسبب نرجسيتهم، فعندها لا تعتبر المحافظة على نفسك، مشاعرك، كيانك وكرامتك نوعا من الأنانية وحب الذات. بل إنه مجرد أسلوب، يجعلك تقدس نفسك وتمنحها السلام. وإن حصل وتعثرت، فحاول أن تجابه لوحدك، وان تنهض من جديد. ولا تحاول استغلال من حولك؛ لتأخذ طوق النجاة بسهولة؛ لتيسر من سبيلك، بل اختر المنعطف الوعر، وجابه المخاطر والعراقيل التي ستعيقك من التقدم. فهو السبيل الوحيد للنجاح، والذي سيمنحك السلاح، وسيجعلك تستخدمه ببراعة. فلا ترضَ بأن تسقى ماء الحياة بالذل. فماء الحياة بالذل إهانة لك.