عندما تغيب الشمس ويحل الليل بسكونه تثور في داخلي الحروف، أسبح فوق مياه الذاكرة المتمردة الحائرة وبراكين تتأجج خليطًا من الغضب والهموم، فتثور في داخلي الحروف ويقطف الحزن مواسم عزلتي المؤقتة. أترك الحروف ترسم لوحة لقطار الحياة الشائكة وأجعل من صمتها لغة مبهمة؛ فلم يعد يدهشني جنون مشاعرك الشرسة، ولا تثيرني أحزانك، ولا تسحرني نظراتك المألوفة.
ولم أعُدْ أغُوصُ وأسبح في أعماقك وذكرياتك، لأسمع إيقاع موسيقى جوفك وأصغي لأي تفاصيل تخصك. سجلي في دفتر ذكرياتك المزركش ذي الألوان الفاقعة أني قطعت كل حبال التواصل بيننا، ولا رغبة لدي لأنسجَ حبلا جديدا. سلبتِ ابتسامتي، وحطمتِ آمالي وجرحْتِني، وتركتِني أنزف! فقلبي لم يعد يهواك، ولا أرغب في الوصول إلى شفتيك حيث أحمر الشفاه يزعجني.
اخرجي من حياتي فورًا! دعيني وشأني سأرحل عنك بلا رجعة، وأقسم أني لم أعد أحميك من البرد وأشباح الليل المتراقصة وخفير المقابر وشمس تموز الحارقة، لا، ولا من شبان الرصيف.
انزعي عن أنفاسي العداد، كفّي عن مراقبة تحركاتي، ولا تتدخلي بلباسي، ولا مواعيدي، أو تمشيطة شعري.