جرّافةٌ تَعوي أمامَ المدخلِ
كالذّئبِ مُقْبلةً لتأكلَ منزلي!
ويُحيطُها سربُ الجنودِ كأنّهم
جاؤوا إلى بيتي بجيشٍ أكملِ
"أنا يا فلانُ.. بنيتُهُ من أضلعي
ورسمتُ فوق جدارِهِ مستقبلي"
"هو غرفتانِ فقط... وأَسكُنُ فيهما
مع زوجتي وابني... وآخَرَ مُقْبِلِ"
"هو حيلتي وفتيلتي... لا فرقَ عندي
إن هَدَمتمْ أو أردتمْ مقتلي!"
"فالبيتُ مبنيٌّ على أرضي التي
بَقِيتْ هنا من كلِّ ما قد كان لي!"
"عن أيِّ ترخيصٍ تحدِّثُني وقد
قدّمتُ ألفَ عريضةٍ لم تُقبَلِ"
"ودفعتُ ألفَ غرامةٍ وغرامةٍ..
أملًا يتيمًا في انتهاءِ مسلسلِ!"
وتقدّمتْ جرّافةُ الشّؤمِ التي
جاءتْ لتَحصُدَهُ بحدِّ المِنْجَلِ
وبلحظةٍ سَقَطَ البناءُ... وقَبْلَهُ
سَقَطَ القناعُ عن الزّمانِ الأعدلِ
ونظرتُ للأطلالِ يَذبحُني الشَّجا
كالجاهليّةِ في الزّمانِ الأوّلِ!
وضَمَمْتُ بالقلبِ الجريحِ حجارةً
سَقَطتْ أمامي كالقتيلِ الأعزلِ
إنّ البيوتَ تعيشُ بعد مماتِها
تحتَ الصّدورِ كأنّها لم تَرحَلِ
ما كانتِ الأحجارُ غايةَ هَدْمِكم
بل إنّه الإنسانُ حتّى ينجلي!
عبثًا هَدَمتم... سوف أبقى ههنا
كالصّبرِ... كالدّفلى... كنايِ الجدولِ
قلبي إذا فتّشتُ عنه وجدتُهُ
في قريتي... في القدسِ... أو في الكرملِ
باقٍ مع الزّيتونِ أَفلَحُهُ... فإنْ
صَمَتتْ حروفي... فَلْيُجِبْكم مِعْولي!