رماح يصوبها - معين أبو عبيد
رفات كوزيمودر وشيلد برت وهيجو ترتجف
صمت مطلق خيّم على الشانزليزيه بعظمته، وارتعشت المباني العريقة وصورة الموناليزا في فرساي وتمايلت أشجار حديقته الغضة واهتزت الأقواس، الأبراج، النوافير، المسارح، والملاهي، وكذلك المحطات والأزقة، وغدت أنوار مدينه الأنوار باهتة كئيبة، وجرت مياه السين بسرعه جنونية وكأنها تدمع.
تشوشت أفكار كبار الرسامين البارعين، وارتعشت ريشتهم فرسموا لوحات مؤلمة تعبر عن حجم الكارثة التاريخية التي حلت بأحد أكبر المعالم الدينية، التاريخية، والحضارية لأروع ما بناه الإنسان، مصدر فخر الإنسانية جمعاء .
وامتزج صوت الموسيقى المألوفة بجو من الحزن لتملأ أرجاء مدينة الحرية والحضارة.
وذلك في أعقاب التهام النيران كاتدرائية نوتردام العريقة، في لب العاصمة الفرنسية باريس والتي يعود تاريخها إلى 850 عاما، إذ بدأ شيلد برت بناءها عام 1160 وانتهى من العمل فيها عام 1260 .
أي عمل مكثف ودقيق استمر ما يزيد عن المئة عام التهمته النيران في أقل من ساعة، مما أدى إلى إلحاق أضرار فادحة معنوية ومادية بنسبة 70 % في الأسقف والأبراج، وبنسبة 100% في القلوب والذاكرة والنفوس.
نوتردام العزيزة على قلب كل إنسان يتحلى بصفات الإنسانية، زارها أم لم يزرها، تجسد معنى التجدد والعطاء وقمة الثقافة والتربية والخشوع، فقد شهدت، كما هو معروف، محافل تاريخية وفي مقدمتها تتويج نابليون إمبراطورًا فرنسيًّا، وجنازات عدد من الرؤساء الفرنسيين .
تضمّ أروع الكنائس البارزة، وواحدة من أفضل الأمثلة على فن العمارة القوطية الفرنسية التي تتميز عن الطراز الروماني القديم ، باستخدامها المبكر للقبو في الأضلاع والدعامة الطائرة، ونوافذها الوردية الملونة، ووفرة زخارفها النحتية.
في هذا المقام تحضر في الذاكرة قصة أحدب نوتردام للكاتب الكبير فيكتور هيجو، والتي تدور أحداثها في كاتدرائية نوتردام، حيث قام قس الكنيسة، فلورد، بتربية الطفل اللقيط قبيح المظهر كوزيمدر وتدريبه على قرع أجراس الكنيسة، وإرغامه على الإقامة فيها دون مغادرتها كي لا يخيف الناس بمظهره القبيح، وفي أحد الأيام تم اختياره ليكون زعيم المهرجين في احتفال سنوي تظهر فيه الراقصة الغجرية الجميلة أزميرالدا لتكون من الشخصيات الهامة في الاحتفال وقد نالت إعجاب الحاضرين برقصتها المغرية، فوقع القس في حبها وحاول التقرب إليها بكل الوسائل، ويُفاجَأ القسّ بأن الأحدب وقع في حبها أيضًا.
وقد نجح الكاتب بتقديم شخصية خيالية بمزيج من مظهر خارجي قبيح وصفات داخليه حميدة.