ليالٍ رمضانية بنكهة جديدة مكراوية !!
بقلم: عبور درويش
يليق بك الفرح يا بلدي ويستحق أهلك أن يرتشفوا من كؤوسه التي طال انتظارها ...
شيبًا وشبابًا ...فتية بعمر الورد ،مسنات ومسنين ...أطفال ومراهقين....اجتمعوا سوية بأمسيات رمضانية لم نشهدها في قريتنا على مر السنين....
بجهود أناس نثروا بذور المحبة والمسرة بين أتلام تربة جافة...تشققت منذ زمن لكنهم رووها بالأمل والعمل ...فنمت البذور وصارت زهورًا وورود !
تكاثُف لا نظير له وتعاون مثير للنظر، جعلنا نشهد مسرة اجتماعية رسمت بسمات الانفراج على مُحيا الجميع ....!!
لن ننكر أن قلوبنا استوطنت بها غربان اليأس ونمت على جدرانها أشواك الخيبة منذ سنوات مرت ، لن ننكر أننا كنا وما زلنا بحالة قهر وضجر واشمئزاز من واقع مرير يوجعنا ، لن ننكر أننا نتأرجح على حافة هاوية ، ولن ننكر أننا نعيش خوفًا يقطع أوصالنا وقلقًا ينخر عظامنا .. إذ تتكاثف غيوم العنف الملبدة بالعتمة في سماء قريتنا ليلًا ونهارًا،...
كل منا اختار درب ملاذه كما سولت له نفسه وظروفه،
بعضنا رضخ للواقع الأليم مستسلمًا، وبعضنا قرر نقل حياته من القرية باحثًا عن مستقبل آمن وحاضر هادئ،
منا من وقف ببسالة بوجه العنف ...فقُتل ، منا من امتطى صهوته ليبقى على قيد الحياة ، منا من وقف بوجه سلوكيات همجية فذاق الأمرين ،منا من استسلم وعاش يومه بطوله وعرضه دون مبالاة ،منا من علا صوته فتم كتمه بتهديد ووعيد ، بعضنا ندد وبعضنا هدد ، ومعظمنا أكملنا العيش في قريتنا على أمل أن تشرق شمس الطمأنينة راكلة سواد الغمام ذات غدٍ ،
أبناء قريتي يتسمون بالانسانية لكنهم كسائر قرانا العربية يقبعون تحت فوضى مجتمعية استوطنت بلدتنا دون استئذان ولا منارة ترشدنا لشاطئ الأمان ،
شبابنا لا يجدون بوصلتهم وشاباتنا فقدن وجهة أمرهن،
شيوخنا يلوكون العجز ويتحسرون على فقدان الزمن الجميل ، أما الأمهات فيومهن خوف وليلهن رعب وارتباك، والآباء ما انفكوا يبحثون عن أساليب أبوية مناسبة للتواصل مع فلذات أكبادهم بهدف نشلهم من بين فكي العنف، أما أطفالنا فقد باتوا يكبرون كأنهم لا يمرون بجيل الطفولة.....!!!
بقينا على يأس ممزوج بقطرات من الأمل ..لحين هل الشهر الفضيل وقد هلت معه بوادر فرج تشبثنا به ليخرجنا من بؤرة الضيق ، ويجعلنا نعاود التمسك بانتمائنا لهذه البلدة الطيبة،
قريتنا الوديعة نادت فلذاتها لتجمعهم تحت كنفها ...قريتنا الجميلة فتحت أحضانها لتعانق أحبتها ،قريتنا ربتت بحنان على كتف أبنائها وجمعتهم في شهر الخير....تلاقى الأحبة من أهل جديدة المكر في ساحة كانت مهمشة وبفضل السواعد الأبية تحولت لمُجمع مركزي مرتب ولائق لإحياء الأمسيات الرمضانية الراقية ،توافد اليها المئات من كل الأجيال ومن كل الأطياف ،تراصت الأكتاف وتشابكت أكف الملتقين وعلت بسمات الرضا والانبساط على وجوه الحاضرين في هذه الأمسيات التي لاقت استحسان ذائقة الحاضرين، ليالٍ مكللة بالفرح، بلا شك تم التحضير لها بمجهود جم لتخرج للنور بشكل لائق ومتألق ،
إنني على يقين أن هذا التغيير يعود لنوايا حسنة وحاجة ملحة لتغيير الصورة المعتمة بأخرى تشع نورًا...وقد أتى الوقت حين اكتفينا بكل ما كان يحدث ويصير ....حين انتفضنا من دواخلنا على الواقع المرير....وامتطينا صهوة التآخي والتسامح لأجل رفع راية قريتنا جديدة المكر نحو أفق جديد ، ونبقى على أمل أن الآتي يحمل في جعبته بشائر خير للجميع !!!!!