تعوّد الاباء والاجداد والسالفون في المجتمع اتباع المقولة (الصدق في اقوالنا اقوى لنا والكذب في افعالنا افعى لنا) ما اجمل التمشي على هذه المقولة وما اجمل ان يتذكر الانسان بمدى امكانية التذكر لديه كيف نهج كبار القوم وارباب الشور والمبادئ الانسانية التي انتهجها الناس سابقا واجمل ان يعمل هذا الانسان على الحفاظ عليها في خضم المستجدات التي تتجاذبة يمينا وشمالا وقد تجرفه في بعض الاحيان.
واذا امعنا النظر بما يدور اليوم في ثنايا المجتمع بمختلف اطيافه وطوائفه ومناحيه ومن كل الديانات فيما يخص المقولة التي ذكرت سابقا يمكننا وبسهولة المقارنة بين ما كان سابقا وما تبقى من هذه الايام وخاصةً في موضوع الصدق الذي هو العمود الفقري للنهج الصحيح والقويم وللأمانة بين الافراد والمجموعات وسائر شرائح المجتمع.
فالصدق بين الناس لو كانت له ألسُن تتكلم لعرفنا مدى تذمره مما اصابه من التآكل, حيث اخذت مكانته تتراجع عما كانت عليه في الماضي عندما كان الصدق صدقا والامانة امانةً فقول الصدق كان في الماضي مبدءاً لا عدول عنه ولا انحراف عنه بالمرة وشتان ما بين الماضي والحاضر!!!
فكثيرون في مجتمعنا اليوم يبحثون عن الصدق في وضح النهار ويستصعبون العثور عليه, الامر الذي يدلنا ويثبت لنا ان هذا الصدق ليس صدقا كما في الماضي, والمجتمع بغالبيته يعتمد على القول في الصدق وليس على الفعل به وهذه مصيبه للأسف!!!
وهذا النهج بين الناس يؤدي الي تآكل في الأمانة, وطالما يتباهى الكثيرون بالصدق ويأتون بغيره لا بد الا وينعكس ذلك على الروابط الاجتماعية في الاسرة الواحدة والبلد الواحد وربما المجتمع, وان اثْر ذلك على المستوى البعيد يشكل خطراً على العلاقات والروابط بين الناس ونتيجة لذلك يفقد الكثيرون ثقتهم ببعضهم البعض نتيجة الانحراف عن قول الصدق بصدق, الامر الذي يؤدي الى فقدان الثقة بين الناس, عندها يفقد الصدق مكانته الحقيقية في صفوف افراد المجتمع.
وفي هذه الظروف لا بد لحلول واختلاط الحابل بالنابل اذ تضيع الحقيقة من كثرة الكذب والابتعاد عن الصدق وخاصة اذا كان ذلك نابعا من اناسٍ طالما عُرفوا بصدقهم الا ان الايام فعلت فعلها والمغريات اخذت مجراها وتبدلت الايام ولبست الناس البسه ثانيه واقنعه جديده لم يعهدها السالفون, وهي مبطنه بعدم الثقة وبانتشار الفوضى الاجتماعية التي تشوه صور المجتمع الحقيقية.
لذلك اخواني واخواتي القراء لا عيب في تصوير الواقع المُر اذا ما قيس بما نما ونشأ عليه السالفون من اخلاق وانماط انسانيه خلّاقة, والتي ترضخ في هذه الايام امام المستجدات تطغى على ما بُنيَ ماضيا من اخلاقيات واحترامات الذات والاخرين من نابع النظم الاجتماعية والعادات والتقاليد التي يفتخر بها المرء, واليوم طمست بفضل المستحدثات وبفضل الاختراعات التي للأسف لم تُسخَر للاستفادة منها في غالب الاحيان وانما تستغل في بعض الاحيان ليس في مكانها, وان الاغلبية الساحقة لا تستفيد منها كما رسم لها وانما تستغل للسلبيات وتؤدي كما نرى ونشعر لانحرافات البيت الواحد والاسرة الواحدة وربما يطال منها المجتمع في غالبيته.
وخلاصة القول انه ينبغي على كل صاحب ضمير حي ويشعر بالمسؤولية الذاتية تجاه نفسه وتجاه ذويه ومجتمعه ان يقاوم بكل ما اوتي من قوة كل ما من شأنه النيل من اسس المجتمع وبنائه المتين كما نحافظ معا على اصوليات حياتنا ولا نسمح ان يقصدها التآكل من باب مسؤوليتنا حيال هذا المجتمع الذي كتب له ان يبقى طودا مانعا لكل الشوائب التي قد تزعزع اركان هذا المجتمع والا سوف نشعر نحن وقد يشعر غيرنا ايضا بالأسف مستقبلا تخوفا مما سيصل اليه المجتمع من تدهور وتراجع في معظم مناحيه لا سمح الله.