الحقيقه, مشاكلها و التآكل فيها. بقلم: دكتور نجيب صعب – أبوسنان.
هذه الكلمة تنطوي على معاني عميقة وكثيفة في جوهرها وانها ايضا "الحقيقة" كبيرة جدا في ابعادها, ان كان ذلك في التعامل بين الافراد, في البيت الواحد, في الاسرة الواحدة, وفي شرائح وثنايا المجتمع على اختلاف اطيافه وطوائفه.
وتعود السالفون على الغالب في العصور الغابرة اذا قالوا "الحقيقة" التزموا بكل ما في الكلمة من معنى ان كان ذلك في التعامل اليومي او في الالتزام الذاتي او في كل شأن كان, حيث ان هذه الكلمة "الحقيقة" تُلزم كل صاحب ضمير حي, وكل انسان موضوعي فيما يعني وفيما يقول.
الا اننا اذا اردنا تناول الحديث عن "الحقيقة" فعلينا ان نكون موضوعيين وفعلاً حقيقيين فيما نقول, حتى فيما نعني, لان الحقيقة هذه الايام هي حقيقه كما كانت سابقاً الا انها في ايامنا تعاني كثيراً من المشاكل المتنوعة والمتشعبة وفي بعض الاحيان تُنافي معناها في التصرف من قِبل نفر معين.
ومما يميزها في ايامنا الحاضرة انها هي لم تتغير والحقيقة بقيت حقيقه الا ان مفهومها بين الناس قد تغير, اما هي فلم ولن تتغير ابداً.
فكثيرون في نواحي المجتمع المتنوعة يظلمون الحقيقة وفي غالب الاحيان عمداً وربما عن غير قصد في بعض الاحيان الا ان النتيجة واحدة.
فالحقيقة وقولها ترضخ حالياً تحت ما يسمى ظلم وظلم كبير, ورغم انها لم تتغير في الماضي ولن تتغير في المستقبل فنشعر ونحس ونعي في غالب الاحيان انها حقاً ترضخ تحت ظلم من قبل اناس وافـراد قد يكونون محترفين في تحويرها وتغير معانيها او المقصود بها حسب ما يرتأون وحسب ظروفهم الامر الذي فعلاً قد يجعل الحقيقة ضائعة وتائهة في بعض الاحيان ويحاول كذلك نفرٌ من الناس طمس الحقيقة عمداً وعن قصد ولغرض في نفس يعقوب, وربما ينطوي هذا الطمس في بعض الاحيان على نوايا خبيثة ولا مكان لها في المجتمع الراقي الذي يدرك حقاً الحقيقة وفوائدها بين الناس وفي اعماق المجتمع, وما تنطوي عليه من نتائج ايجابيه يقولها بشكل صحيح.
فكثيرون من ارباب القول والمسؤوليات هنا وهناك قد يتخذون من الحقيقة سُلعه تارة يقولونها على حقيقتها وتارة يحورونها وتاره ينكرونها وفي جميع الاحوال النتيجة قد تكون سلبية على ذويها ومن يتعاملون معهم وربما تستشري هذه الالفاظ في نواحي المجتمع المترامية ونتيجةً لذلك ربما تنقلب الامور بمثل هذه الاحوال على اصحابها وان التلاعب في الحقائق لا يمكن ان يمر مر الكرام, فلا بد لهذه الحقيقة ان تبان على حقيقتها وان كل محاولة لتشويهها لا بد الا وان تبوء بالفشل عاجلاً ام اجلاً, ولا يمكن لاحد تغطية نور الشمس بالعباءة مهما طالت الايام وتوالت الليالي.
فرغم كل مشاكل الحقيقة التي يتخبط بها الكثيرون لن يتمكن هؤلاء ان يغيروها مطلقاً حتى لو اشيعت عن طريقهم اشاعات دنيئة ورخيصة وغير موضوعية قد تشوه هذه الحقيقة, الا ان الامر لا بد له ان يظهر على حقيقته وان ما اشيع وما قيل لا يمكن ان يحط الا من قيمة المصدر نفسه والحقيقة لا تُمَس مطلقاً حتى لو ان الامور ادت الى تآكل ما في هذه الحقيقة حتى تجتاز مثل هذه الاوضاع التي تجهلها في مواقف سلبيه في بعض الاحيان رغم انها حقيقه وستبقى كذلك وعدم قول الحقيقة او الاستناد عليها في بعض الظروف قد يؤدي الى امور غير محبذه حتى في المؤسسات الاجتماعية الرسمية وغير الرسمية ولا يمكن لها ان تبرز على حقيقتها ولا يمكن لأي كذب او تغييرها, فالحق لا يمكن الا ان يحق وتبقى الحقيقة هي هي رغم الانوف الرافضة.
فعلى افراد المجتمع أياً كانوا ان يدركوا جيداً في غالبيتهم انه ينبغي عدم الانجرار او الانحراف في تيارات خالية وخاوية واتباع الانكار وتشويه الحقائق لان الامر لا يصب في مصلحة الفرد او المجتمع بشكلٍ قاطع وانما قد تكون لمثل هذا التصرف نتائج سلبيه ربما تؤدي ولو بشكل مؤقت الى تآكل في معنى الحقيقة بفضل عدم الدقة في قولها او تشويهها او انكارها, فمهما كثرت الاكاذيب لا تكشفها الا الحقائق.
فمسؤولية كل عاقل وصاحب ضمير حي ان يساهم بقدر الامكان وبكل ثمن والصمود امام كل المغريات لتبقى الحقيقة حقيقه لا تشوهها اراء وافكار كاذبه غير دقيقه, لان في ذلك ضمان الحياه السليمة والامن وعدم مسها بأي تآكل ما, وعدم تعرضها الى مشاكل قد تؤثر على المرء ومحيطه على المدى الابعد بدون ريب إيجابيا, وفي ذلك يكمن الاصول وترتاح الضمائر الحيه وكل ذلك يصب في تطور المجتمع وفي وجود حياة ملؤها الامان والقول الصحيح والحقيقي وذلك بدون شك ينعكس على الاجيال الناشئة ويصب في مستقبل زاهر للجميع.