مَنِ التّالي؟
د. إياس يوسف ناصر
مَنِ التّالي؟
يقولُ النّاسُ في وطني
مَنِ التّالي؟
مَنِ المقتولُ والمذبوحُ
والمطعونُ والمجروحُ
في يافا وفي الرّملهْ،
وفي عكّا وفي باقهْ،
وفي وطنٍ
تحوّلَ دون أن ندري
لمذبحةٍ وأدغالِ!
مَنِ التّالي؟
وذئبُ القتلِ
يَسرَحُ في شوارعِنا
ويَمرَحُ في مقاهينا
ويَشرَبُ نَخْبَهُ دمَنا
ويَسفَحُ ألفَ شلّالٍ وشلّالِ!
مَنِ التّالي؟
جرائدُنا تودّعُ كلَّ مغدورٍ
بشيءٍ عاجلٍ وخبرْ!
ولا ندري عن الأنذالِ
شيئًا واحدًا وخبرْ!
ويكتبُ قائدُ التّحقيقِ
أنّ الجرمَ مجهولٌ،
وأنّ القاتلَيْنِ الجانيَيْنِ
هما القضاءُ مع القدرْ!
ونَعرِفُ أنّهم صَنَعوا
لنا هذا القضاءَ
وأنزلوا هذا القدرْ!
فمن أين السّلاحْ؟!
من أين جاءت هذه الأشباحْ؟!
ومَنْ حقًّا يبالي؟
إنْ صَرَخْنا
إنْ هَتَفْنا قائلينَ لهم
مَنِ التّالي؟
وزيرُ الأمنِ يَشرَبُ
كوبَ قهوتِهِ الصّباحيّهْ،
وزيرٌ آخرٌ ينوي
زيارةَ معملِ التّفاحِ
في الأرضِ الشّماليّهْ،
وتَكبُرُ في قرانا
لعبةُ الأشباحْ،
ويجري دمعُنا المنسيُّ
مِنْ نافورةِ الأرواحْ،
فكيفَ غَدَتْ دماءُ شبابِنا
شيئًا رخيصًا أو مُباحْ!
***
فيا شعبي تَظاهَرْ
أينما كُنْتَا!
هتافاتٌ... نداءاتٌ
تهزُّ الموتَ والصّمتا
مَنِ التّالي بأوطاني؟
فلانٌ... ربّما أَنْتَا!
سنُغْلِقُ كلَّ مقبرةٍ
ونَقتُلُ بالحياةِ القتلَ والموتَا
تَظاهَرْ أينما كُنْتَا!
تَظاهَرْ في الشّوارعِ
والمفارقِ والمنابرِ
في الجليلِ وفي المثلّثْ،
مَزِّقِ الأكفانَ
واخرُجْ من كهوفِ الصّمتِ
واجعلْ سوطَكَ الصّوتا
لنا بيتٌ سنحميهِ،
لنا جيلٌ نربّيهِ،
لنا ولدٌ سنعطيهِ
طموحَ الشّمسِ لا المَوْتا
لنا زيتونةٌ بَقِيَتْ
تَصُبُّ برغمِ نكبتِنا
صدى أجدادِنا زيتَا
لنا وطنٌ... لنا بيتٌ
ولن نرضى هنا أبدًا
بأنْ يأتيكَ يا وطني
خرابٌ يَأكلُ البَيْتا!