ابحث عن ذاتك الداخلية ومصادرك الغنية في أعماقك، وكن نفسك ولا تكن أحدًا غيرك، وقل رأيك بكل شفافية وموضوعية، فالحياة تحتاج إلى لحنك، عبيرك، ولونك، أكثر مما تحتاج إلى نُسَخٍ متشابهة عن أشخاص آخرين.
كل واحد منا لوحة فنية فريدة وجزء من لوحة فنية بكل إيجابياته وسلبياته، والله خلقنا كمنحوتة بأروع ما تكون وأوكل إلينا مهمة أن نكتشفها، وإذا فقد الإنسان اتّصاله مع ذاته الداخلية، ولم ينصت لحكمتها سيظل أسيرا لدوائر المقارنة بالغير ليولد الشقاء وعندما يعرف الإنسان ذاته ويتقبلها ويدرك أنه لا يوجد إنسان ضعيف، وإنما هناك من لا يعرف مكامن قوته.
نبني على هذه الحياة كل آمالنا ناسين أنها فانية وستزول في يوم من الأيام والساعة آتية لا ريب فيها، لكننا كلما تعمقنا فيها ندرك أنها ليست إلّا مسرحية هزلية مشاهدها مقلقة، مرها أكثر من حلوها وأن الحياة ليست إلّا منافسة يريد فيها كل منا أن يكون المجرم لا الضحية، وأن الوحوش حقيقية والأشباح أيضا، إنهم يعيشون داخلنا وأحيانا يفوزون.
وإذا تكلمنا عن الصداقة، فالمفروض أن الصديق الذي نتعرى أمامه حتى من جلدنا ونشعر أن دفء الصداقة يغطينا ويحمينا من كل شيء والمحبة والتسامح تحررنا من الغضب والأفكار الرجعية الهدامة لكي لا تعيش في الماضي المخيف وتتكئ على الجروح القديمة لكي توقف النزيف، وأن تعيش الحاضر بكل ما فيه دون ظلال الماضي. فنشعر وكأننا جبال بشرية نحمل هموم ومتاعب الحياة على كواهلنا لأولئك الذين نعرفهم ولا نعرفهم فما أسوأ أن تكون ضعيفًا وأنت ترى أحلامك تتراقص أمامك دون أن تستطيع الإمساك بها أو حتى مناداتها بعد أن كنت مطرا بلل ضفاف القلب فلم يعد ينبت في الصدر سوى اللوعة واليأس معرضا للاختناق في أية لحظة وضائعًا في وسط الغرباء في زمن تجارة الإنسان والكلام وعالم يقتلنا كل لحظة ونحن في سكون دون أن نستطيع الدفاع عن أنفسنا.
وللخلاصة رماح تقول ما أسوأ أن تكون ملابسك أغلى ما فيك، ومشاعرك رخيصة وضميرك ميّت، فلا تقف على الأطلال خاصة إذا كانت الخفافيش قد سكنتها والأشباح عرفت طريقها، وابحث عن عصفور يتسلل وراء الأفق مع إطلالة فجر جديد.