يا نسمةَ الصّبحِ النّديِّ تمهّلي
حتّى أُحمّلَكِ السّلامَ لمنزلي!
أنا في المخيّمِ من سنينَ تطاولتْ
ما زلتُ أحسَبُها كيومي الأوّلِ!
لي منزلٌ تحت الضّلوعِ مُعرِّشٌ
من أرضِ حيفا عند سفحِ الكرملِ
قولي لهُ: ما زلتُ مشتاقًا لهُ..
للدّربِ... للُّقْيا... لعطرِ المَشتَلِ!
للياسمينةِ حين تَفرُشُ شَعْرَها
وترشُّني برحيقِها المتدلّلِ...
للسّورِ... للجدرانِ.. للنّقشِ الذي
(من فضلِ ربّي) فوقَ بابِ المدخلِ!
قولي له: ما زال يَسكنُ في دمي
في خاطري في هاجسي... لا ينجلي!
إنْ رحّلوني عن بلادي... إنّما
تبقى معي في خافقي لم تَرحلِ!
مفتاحَ بيتي... يا رفيقَ طفولتي
يا عطرَ أجدادي... وصرخةَ معولي
يا دمعةَ الوطنِ الشّريدِ على الرّبى
يا خفقةَ القلبِ المُعنَّى المُثقَلِ
ما زلتَ تجلسُ صابرًا في خيمتي
صيفًا... شتاءً... للصّباحِ المقبلِ!
وتنامُ كالعصفورِ عند وسادتي
وتقومُ عند الصّبحِ تَلثِمُ أَنْمُلِي
وتَشُدُّني للدّربِ نحوَ بلادِنا
حتّى تعانقَ بابَ بيتٍ مُقْفَلِ
قد أمعنَ المنفى هنا يا صاحبي...
واحدودبتْ قصصُ الزّمانِ الأعزلِ!
لكنْ بَقِيتَ معي... عزاءً نازفًا
كالشّمسِ من تحتِ الظّلامِ الأثقلِ
فاحملْ سلامي يا نسيمُ على النّوى
وازرعْ فؤادي عند بابِ المنزلِ!
وانثرْ ترانيمَ الحنينِ وقل له:
ذَبُلَ الزّمانُ... وحبُّهُ لم يَذْبُلِ!