عناد جابر
كالحُلم طارتْ…
تسابقُ الرّيحَ أيامي، ولا خَـــوَرُ
حتّى لَيُنهَكُ في إدراكِها البَصَرُ
كأنّها خِشيةً مِنْ فَوتِ مَوعِدِها
تطيرُ مُسرعةً والعُمْرُ يَندَثِرُ
لو أنّها تعبتْ فــي الجريِ لاتّأدَتْ
وما استحالَ كعُمرِ الرَّمْشَةِ العُمُرُ
وَيلٌ لها نَهَبَتْ عُمري نَضارتَهُ
فالعينُ دامِعةٌ... والقلبُ مُنفَطِــرُ
وإنني، وبكائـــي فاضحٌ حَزَني،
ما همّني الطّولُ في عمري أو القِصّرُ
لكنّه أسَفٌ، مِنْ فَرطِ سُرعتِهـا
يا ليتَها نعِسَتْ، أو مسّها خَدَرُ
سوادُ شعريَ بعضٌ مِنْ غنائمِها
والسّمعُ والعَضَلُ المفتولُ والنّظَرُ
أينَ الطفولةُ نلهو في مراتِعِها
مثلَ الفَراشِ، فلا هَمٌّ ولا كَدَرُ؟
أينَ الشّبابُ وعَـــــــزْمٌ لا تُغالِبُهُ
كَفُّ المصاعِبِ والشِّدّاتُ والغِيَرُ؟
كالحُلمِ طارتْ مَـــــعَ الأيامِ بهجتُها
لمْ يَبْقَ إلّا الصّدى الرّنّانُ والصُّوَرُ
هذا عتابي، وإنْ فاضَتْ مَرارتُهُ
تبقى حلاوةُ ما أسدى لِيَ القَدَرُ
تبقى بِبُستانيَ المُخْضَلِّ ما غَرَسَتْ
يُمنايَ مِنْ شَجَرٍ، والزَّهْرُ والثّمَرُ
تبقــــــى، وحسبيَ أنّ اللهَ أغدَقَها
عَلَيَّ نُعمى، فطابَ الذِّكْرُ والأَثَرُ
عناد جابر