أمثال قيلت في الحفاظ على صحة الجسم
بقلم : الدكتور منير توما كفرياسيف
يَمُرَّ معنا كثيرًا أقوال وأمثال مألوفة وشائعة أثناء الحديث المقرون أحيانًا بتقديم النصائح الهادفة للحفاظ على صحة الإنسان بغية تجنُّب الأمراض والوعكات الصحية . ولا نجد مثل هذه الأمثال في مجتمعنا وتراثنا العربي فقط ، بل نقابلها أيضًا في لغاتٍ أجنبية أخرى . ولقد قمت بإرفاق أمثال باللغة الانجليزية تماثل بمعانيها وتتطابق مع مثيلاتٍ لها باللغة العربية مُضَمِّنًا ذلك بتعقيبٍ مقتضب وموجز عن كل مثل ومثلٍ في صدد حديثنا عن الموضوع آنف الذكر الذي سنتطرق إليهِ . وفيما يلي نقدم عددًا من هذه الأمثال الشائعة في هذا المجال :
*الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه سوى المرضى .
إنَّ هذا القول يقابله في اللغة الانجليزية ويوازيه مقولة أشبه بالمثل حيث جاء فيهِ :
Health is not valued till sickness comes .
والترجمة الحرفية لهذا القول : (الصحة لا تُقَدَّر إلّا حين يأتي المرض) .
وهذه المعاني تشير وتؤكِّد الحقيقة في أنَّ عددًا لا يستهان به من الناس يسعى في الزمن الماضي واليوم أيضًا سعيًا دؤوبًا الى أن يكون بصحة تامة ، وفي ذروة طاقاتهِ ، وليكون الأفضل في كل زمانٍ ومكانٍ ، ليس فقط على الصعيد الشخصي بل الاجتماعي أيضًا . ولبلوغ هذه الأهداف لا يتوانى البعض باتّباع كل الوسائل المتاحة للوصول الى الصحة التامة البعيدة عن المرض .
إننا نعلم أنَّ كل يوم يحمل وزرًا ثقيلًا من التعب والضغط النفسي ، يضاف إليه النقص في التمارين الرياضية وأنظمة الغذاء غير المتوازنة ، مما يزيد الخلل في التوازن الجسدي-النفسي ويؤدي الى الشعور بعدم النشاط ، وفي أحيانٍ كثيرة الى شتى أنواع وصنوف الأمراض التي تجعل مَن أصبح يعاني منها الى الحنين لأيامٍ كان يتمتع بها بالصحة والعافية .
*درهم وقاية خير من قنطار علاج .
يقابل ويوازي هذا المثل المعروف في لغتنا العربية مثل مشابه باللغة الانجليزية وهو :
Prevention is better than cure .
في هذا السياق يجدر بنا أساسًا أن نشير الى أنّ طعامنا هو انعكاس لثقافتنا وشخصيتنا والبيئة التي نعيش فيها . غير أن لاختياراتنا الغذائية أثرها أيضًا على حالتنا الصحية . إنَّ المحافظة على توازن صحيح في الغذاء من حيث الكمية والنوعية هي بالتأكيد إحدى أفضل الوسائل للوقاية من أمراض كثيرة قد يصاب بها الإنسان كان في وسعهِ أن يتجنبها ويتجنب عناء علاجها لو اتبّع الحذر بالوقاية .
إنَّ الأبحاث الطبيّة الحديثة تؤكد ، بما لا يدع مجالًا للشك ، بأنَّ إتباع أسلوب حياة صحيح وفقًا لمبادئ الوقاية كالإبتعاد عن التدخين وعن مصادر الكرب والتوتر والقلق ، وتناول وجبات غذائية متوازنة بدون افراط – كل ذلك يحسّن الفرص أمام الإنسان ليعيش دون أمراض بإذن الله . إنّ اتباع مبادئ الوقاية يساعد كثيرًا في الحفاظ على صحة الإنسان وحيويتهِ ، ويزيد فرص العيش أمامه ويحسّن فرُص تمتعه بالحياة .
*المعدة بيت الداء .
وباللغة الانجليزية نجد مثلًا شبيهًا ورد فيه :
The stomach is the home of maladies .
يتطرق هذا المثل أنّه لا يفيد الإنسان أبدًا أن يتخم معدته بالمأكولات والمشروبات الكثيرة ، بل عليهِ أن يتذكر أنّ الغاية من تناول الطعام هي فقط إمداد الجسم بالغذاء اللازم ، لتجديد القوة والطاقة المستهلكتين ، وتأمين نمو سليم وبناء جسم صحيح . لذلك على الإنسان عدم الإفراط في تناول الطعام وبالتالي الأكل والشرب باعتدال لتجنُّب الأمراض ، وكذلك عدم الأكل أكثر من الحاجة ، مع تنظيم أوقات تناول الطعام قدر الإمكان .
*الحركة بركة .
يوازي هذا المثل قول باللغة الانجليزية من حيث المعنى المجازي له وهو :
Keep the pot boiling .
وترجمته الحرفية : (أبقِ الابريق يغلي) .
من المعروف أن حالة الصحة العامة ترتبط ، لدرجة كبيرة ، مع اللياقة البدنية للإنسان ، وتتحدد هذه اللياقة بشكل عام بمقدار العمل الجسمي الذي يقوم به الإنسان بما في ذلك جميع الحركات والأعمال الروتينية كالمشي والجلوس والعمل اليومي ، ولكن الأمر الأكثر أهمية من ناحية اللياقة البدنية هو نوعية ومقدار التمارين الرياضية المدروسة التي يجريها الإنسان . ويُقصد بذلك نشاط يتضمن درجة معقولة من الحركة البدنية كأعمال البستنة والمشي وركوب الدراجة ولعب التنس وكلها تمارين بدنية تعكس فائدة النشاط البدني طبيًّا لأنّ أي عمل تقوم بهِ العضلات يزيد حاجتها من الأكسجين ، وهذا تمرين للقلب والرئتين يجعلهما أكثر كفاءة وقوة .
*الإنسان طبيب نفسه .
إنّ هذا المثل يوازيه مثلٌ مشابه له في اللغة الانجليزية يقول :
Everyone is his own doctor .
وهذا يعني أنّه يتوجب على الإنسان أن يراعي شؤون صحته من حيث العناية بجسدهِ ويقوم بتجنّب ما يسبب له الضرر من أمراض وآفات وذلك بأن يتبع المبادئ الطبيّة والصحيّة العامة ، وأن يعي قدراته الجسدية ، ومن المُحَبَّذ أن يتمتع الإنسان بحدسٍ وثقافة طبيّة حتى ولو كانت مبدئية يعرضها على المختصين بهدف التشاور حول أعراض صحية معينة لتوضيح حالته . كذلك يتضمن هذا المثل المعنى بأن المريض في أحيانٍ كثيرة يكون أدرى بما يحتاج إليهِ وفقًا لشعوره الشخصي ودرايته بما يضره أو بما يحتاج إليه وذلك بذكر مثل هذه الأمور على طبيبه الخاص مزيدًا في الإنارة والإستنارة .
*لا يُصْلحُ العطّار ما أفْسَدَهُ الدهر .
وهذا المثل يقابله مجازًا قول باللغة الإنجليزية ينص كما يلي :
Crooked by nature is never made straight by education .
وترجمة هذا القول حرفيًا أنَّ : (المعوَّج أو الملتوي بطبيعته لا يمكن أبدًا جعله مستقيمًا بالتربية ) .
إنَّ المعنى المجازي لهذا المثل أن هناك حالات صحية معينة ميئوس منها يعجز الأطباء عن علاجها كأمراض الشيخوخة المستعصية مثلًا حيث لا يمكن إعادة مَن حلّت به آفة من آفات السن المتأخرة الى سن وحيوية الشباب مهما فعل الأطباء أو المختصون في هذا الشأن . كذلك يمكن القول أنّه يستعصي على الأطباء أن يعيدوا الشيخ الى صباه ، بالإضافة الى أنَّ الدهر والأيام والعمر المتأخر قد فعل فعله أيضًا في استحالة إعادة الحيوية الضائعة الى عجوزٍ متصابية حيث لا يمكن تحدي الزمن الذي يفوق ويقهر مهارة الأطباء وما يأتون بهِ من ابداعات وابتكارات أي أنَّ الطب يقف عاجزًا أمام ما يفعله الزمن والأيام في صحة وجسد الإنسان ، ولذلك فإنّه في هذه الحالة لا بُدَّ ولا مَفرّ من التسليم بالأمر الواقع .