عُمق المعاني في شعر الشيخ الدكتور سامي ابي المُنى شيخ عقل طائفة
الموحدين الدروز في لبنان، في العيش المشترك لجميع الطوائف
بقلم: د. نجيب صعب – ابوسنان
نائب رئاسة الاتحاد الإسرائيلي لتعليم الكبار
الذي يُصغي من خلال وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي للأقوال والاخبار التي تزخر في قُدومها الى السامع والمُشاهد في كل ارجاء المعمورة تقريبا، يمكنه بدون ريب لو تروّى وتمعّن في سماعها او قرائتها وادراك سماعها بشكل جيّد لا بد وانه يفقه عُمق المعنى الذي يتضمنه هذا الكلام وما يهدف اليه بين السُطور كذلك ، الا ان ما يطلق الدكتور سامي أبو المنى فيما نسمعه من وسائل الاتصال او من محطات التلفزة والإذاعة لَهُوَ جدير حقا بالإصغاء والتعمق فيه ، ليدرك أيضا ما يرنو اليه سماحة الشيخ ابي المنى وخاصة في الظروف التي هي بأمس الحاجة الى ما يُقال وما يُفهم من تفوَّهات واقوال سماحته وخاصة في الدعوة الى العيش الكريم المشترك لجميع أبناء المذاهب والأديان في لبنان خاصة وفي بقاع الارض عامة ، وكذلك الحال فيما يدعو اليه من الروحانيات لدى جميع الطوائف عامة، من حيث مذهبيتهم وما تدعو اليه هذه الديانات اجمع خاصة بالإجماع على وحدانية الباري جلّ وعلا وكلٌ بموجب تعاليم دينه التي يُدركها هو نفسه .
وخلال التضعضعات والإقتتال والحروب في لبنان كان سماحته قد توجه للمواطنين بقصيدة اخترت بعضا منها:
يا اهل لبنان الحبيب تهيَّبوا لبناننا أنفاسه تتقطع
السلم في الإسلام أروع مطلب والحب في الانجيل سرٌ مبدع
عودوا لنحيى بالصفاء احبة فالدين دين الله لا يتوزع
ففي البيت الأول يُخاطب سماحته المواطنين في لبنان ويناشدهم مؤكدا ان لبنان أوضاعه سيئة، وعكف في البيت الثاني مشيرا الى ما تؤكده الديانتان الإسلامية والمسيحية، منوِّها الى ان السلم في الإسلام أروع واجمل مطلب، والحب بين الناس في الانجيل سر مُبدَع حيث يدعو الانجيل الى المحبة بين الناس قاطبة ومن مختلف الديانات كما ذُكر في الدين الإسلامي، يشير أيضا في البيت الثالث داعيا الجميع في بلاد الأرز الى العودة للعيش بصفاءٍ ومحبةٍ من باب ان الدين دين الله ولا يمكن توزيعه ابدا، هذه المعاني اخواني القُرّاء الأعزاء تلبس الأفكار لدى جميع المواطنين من مختلف المذاهب دون مواربة او محاباة ، وعلى المرء أيا كان ان يتّعظ بهذه الاقوال التي يرددها سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز وخاصة انها من لـُبِّ الديانات السماوية جمعاء .
وفي نطاق العيش المشترك الذي تنادي به جميع الديانات، العيش الآمن والاحترام المتبادل والنوايا الطيبة هي نواهي كل الأديان والتي تدعو لها، وكذلك توجه الطوائف على اختلافها لاتباع هذا النهج، ويقول سماحته في حفل تكريم المطران رينو أبو جودة من قِبَله:
شيخ يكرّم مطرانا وقد وقفا يهديه حبا به قد جاء معترفا
أي ان أبا المنى الشيخ الجليل اتى هادياً الحب لسيادة المطران ومعترفاً لسيادته بهذا الحب ويتابع:
نأتي الى الجَمع كلٌ من عقيدته والحق كالدَر فاق الشكل والصدقا
فلا المُكرًمُ يستعطي مدائحنا ولا المُكَرِّمُ يعطي انما وصفا
وفي عمق أقواله يشير أبو المنى ويقول: نجتمع نحن أبناء الطوائف وكلٌ مع عقيدته والحق " هنا عمق القول والمعنى " والحق كالدُّرِّ يفوق كل شئ ويضيف قائلاً: المُحتفى به او المُكَرَّمُ ليس بحاجة الى المديح وكذلك المُكَرِّمُ لا يخسر شيئا وانما وصف بقلب طيّب مضيفاً
ولا السيد المطران في حرج ولا الاخ الشيخ عن ايمانه عزفا
مُنَوِّهَاً ان هذا اللقاء ومثله بدون ريب يٌبقي كلا على دينه فسيادة المطران لا يُحْرَج والشيخ لن يترك إيمانه، وهذا هو عمق المعنى بذاته ويتابع:
انا اختلفنا فتنوعنا فذاك غنى يزيدنا قوة تسمو بنا شرفا
صلاتنا الحب ان نَصْدُقَ به ارتفعت بنا الى رحمة لم تخطىء الهدفا
يقصد الشيخ ان الناس يختلفون ويتنوعون وهذا في نظري امر يزيد الطوائف قوة وكلُ على دينه حيث تسمو هذه القوة شرفا في الجميع، وإننا نصلي جميعا حباً وإذا صدقنا معاً جميعاً، صلواتنا هذه تكون رحمة اكيدة لا تخطيء الهدف الذي هو هدف الجميع ويتابع:
أفي الكنيسة أم في جامع صدحت أم لحنها في خلوة التوحيد قد عُزفا
لا فرق اين علت او كيف قد ارتفعت واي قلب فيها قد فاض مُعترفا
كل القلوب تلاشت عند خالقها اما الخلاص بنا بالإخلاص قد قُذفا
كل المذاهب نحو الحق ذاهبة فلنتقي الله في انساننا وكفى
يشير سماحته في هذه الابيات والتي اخترتها من قصيدته منوها الى ان جميع الخلق يبتهلون لله تعالى في الكنيسة او الجامع او في خلوة التوحيد متضرعين الى رب العالمين ولا يهم كيف تصل هذه الصلوات من أي مكان مقدس ، حيث ان قلوب جميع البشر تتلاشى عند الخالق سبحانه وكل يبلغ الخلاص بنوعيته في الإخلاص، حيث ان المذاهب جميعها نحو الباري متجهة فهيا نتقي الله سبحانه ونقول جميعاً كفى .
وخلاصة القول أعزائي القرَّاء الأكارم ومن جميع الاطياف والطوائف والأديان والمذاهب بِرَبِّكُم عَلامَ التَّعالي ، وعَلامَ التَّخاصُم ، وعلى ماذا نختلف، وفي كثير من الأحيان يحصل تجريحاً في الواقع، حقيقة لا مكان له بيننا نحن بني البشر، فطالما الأمور هكذا وجميعنا على يقين بإن الله سبحانه وتعالى خالق الكون ومُدبره ، لذا يترتب علينا جميعا ومن باب إيماننا ان نتعاون في هذه الحياة الفانية لنعيش حياتنا بالتفاهم والتعاون الصادق والاحترام المتبادل بين الجميع ، وكذلك إحترام وتقدير جميع الشعائر الدينية لجميع الأديان السماوية مهما كانت واينما وجدت، وكذلك توجيه الأجيال الناشئة في العائلات وفي الأماكن المقدسة، نوجهها نحو المحبة الصادقة والتعايش الاخوي المشترك، ذلك في ظل المشاركة الصحيحة والنابعة عن الايمان الصادق أيضاً في المناسبات على اختلافها ، كل هذا في نظري يُسهم في تعميق العيش المشترك، وكذلك يُعَمِّقُ المحبة بين الجميع وكلٌّ بإيمانه يفعل والجميع في نفس الطريق والله ولي التوفيق .