هل وصلتك رسالتي يا أُمّاه؟!! كنتُ قد أرسلتها لكِ قبل عشرات السّنين...
قيل لي حينها بأَنّ أزمنة السّماء لا توافق أزمنة الأرض، فهي مغايرة في جوهرها؛ عقاربها لا تدوّن الثّواني والدّقائق أو السّاعات...إلّا أنّ قلبي المشتاق يعيش في حالة من الأمل والاطمئنان؛ فلا بدّ أن توثّقَ الملائكةُ هناك تلك الصّلوات القرمزيّة وتختم ما يصلها من رسائل بشمع سرمديّ، حتّى لو وصلت متأخّرة، وإنْ وُقِّعَت من قِبل إنسانٍ محبٍّ أو مجهول.
اثنتا عشرة سنة قضيتها في جنّة من جنان الأرض، أمست ذكرى طيّبة، لا يمسّها فناء ولا زوال...
حبيبتي أنتِ، يا مهجة الرّوح...آمل بأنّ رسالتي الوحيدة قد لمست حنايا روحك ونالت رضاكِ...
هي رسالةٌ كثُرت فيها مشاعر الحبّ والاشتياق، وفاحت منها ذكريات بريئة في عمر الطّفولة تتراكض وتتزاحم أمام عينيكِ لتذكّرك بي...بِنا...
حاولت مرارًا أن أنسج في رسالتي وبين طيّاتها بعضًا من شذرات عمري لأبتكر حكايا كانت ستجمعني بكِ لو بقيت...إلّا أنّ ذكرياتي أَبَتْ أن تكتسي ثياب الصّبا، وآثرت الابتعاد عن شيء غريب عنها...فكيف لها أن تتقنّع لحظات لم تحظَ بها ولم تعشها؟!!
كثيرة هي الأغاني والأشعار والصّور الّتي تذكّرني بكِ، تصقل ملامحي دون توقّف... ابتسامات هادئة...نظرات متسائلة...وكلمات تذوب في الأعماق...
ها قلمي يعاتبني من جديد، كيف لا أكفّ عن الكتابة عنك في كلّ موسم وعيد...؟!
هل كان سيجسرُ على ذلك، لو اختبر حبًّا عظيمًا تشهد له الأزمنة والعصور؟!
محظوظة أنا لأنّني أنتِ؛ أعيش عمري في عمرك...محظوظة أنتِ، كيف لا؟ وفي كلّ ربيعٍ يُزهر عيدٌ سعيدٌ ويَكْبُرُ فينا حبٌّ لا يدركه موت ولا غياب...!!