في جلسة الحكومة الأولى بعد الانتخابات للكنيست الـ19، قدم الوزير السابق بيني بيغن توصياته بخصوص التعديلات على مخطط برافر بشأن "تسوية الاستيطان البدوي" في النقب. مع أن الوزير بيغن استعمل لغة أكثر ايجابية ممن سبقوه بما فيها ضرورة تطبيق "العدل الاجتماعي و "المساواة"، إلا أن توصياته أتت، كما كان متوقعا، بعيدة عن إصلاح الغبن التاريخي بحق عرب النقب. لأنه ومنذ اللحظة الأولى لوحظ استغلاله لما سمي بـ"فترة الإصغاء للمواطنين البدو" لتسويق خطة برافر نفسها. ومن المتوقع أن تقدم الحكومة اقتراح قانون مخطط برافر المعدل إلى الكنيست مباشرة بعد تركيب الحكومة وبدأ الكنيست الـ 19 لأعمالها.
خطة مصادرة أراضي عرب النقب وبكل صيغها هي خطة مركبة وغير واضحة كتبها مستشارون قضائيون من وزارة العدل الإسرائيلية. بنود الخطة الكثيرة تجعل المواطن البسيط والذي حتى لو رغب بالانضمام للحل الذي تطرحه الخطة أن لا يستوفي شروطها الأولى.
تبلغ مساحة الأرض "المتنازع عليها" بين المواطنين العرب من أهل النقب والدولة حوالي 867 ألف دونما. في بداية سنوات السبعين من القرن الماضي، فتحت السلطات الإسرائيلية المجال أمام عرب النقب لتقديم طلبات لتسجيل ملكتيهم على الأرض. وبعد انتهاء عملية تقديم تسجيل طلبات الملكية، وصلت مساحة الأراضي التي قدم البدو طلبات لتسجيلها إلى 867 ألف دونما. وقد أخرجت الحكومة 61 ألف دونما منها خارج المعادلة وأقرت أن هنالك 806 الاف دونما "متنازع على ملكيتها". لكن تقرير بيغن يتطرق في تقريره إلى 589 ألف دونما فقط. حيث لا يشمل في تقريره 278 ألف دونما استولت عليها الدولة قبل عملية تسجيل الأراضي أو بعد ذلك وسجلت رسميًا كأراضي دولة.
ومن ال 589 ألف دونم لا يأخذ التقرير بالحسبان 200 ألف دونم آخر لعرب النقب ادعاءات ملكية عليها لكنها ليست تحت تصرفهم (לא מוחזקת). هذه الأراضي صودرت بسبب قانون مصادرة الأراضي (חר"ם ) 1953 وقانون "السلام" الذي تم بموجبه نقل المطار العسكري من سيناء إلى منطقة نفاطيم 1980. ويضيف بيغن إلى توصياته 20 ألف دونم أخرى "استولى" عليها عرب النقب مع مرور الزمن. أي أن الأرض المأخوذة بالحسبان للمفاوضات –حسب بيغن- لا تتعدى ال 409 ألف دونم. من هذه المساحة هناك 286 ألف دونما فقط، يستعملها عرب النقب اليوم منها 100 ألف دونم هي أراض جبلية صعبة للاستخدام.
وفي مقارنة بين الاقتراحات الحكومية الثلاث التي قدمت لحل قضية أراضي عرب النقب منذ سنوات السبعين من القرن الماضي، والتي أعدها السيد ايلي عتسمون – خبير الأراضي وموظف الدولة السابق والذي اشغل منصب رئيس "مديرية تطوير البدو"، نرى أن الفروق بين الاقتراحات لا تختلف جوهريا:
قائمة تبين الفروق بين الاقتراحات الثلاث التي قدمت لعرب النقب لحل قضية ملكية الأراضي:
مقدم الاقتراح
والسنة
ادعاءات ملكية
(دونم)
المساحة الفعلية المشمولة في الحل (دونم)
الحد الاقصى للتعويض بالأرض
((دونم)
المساحة للتعويض المالي (دونم)
الحد الاقصى لمبلغ التعويض المالي (بالشيكل)
بليئه الباك –وزارة القضاء الاسرائلية 1975
806,000
806,000
83,900
722,100
2,400,050,000
برافر- عميدرور
2011
806,000
409,000
93,000 جزء منها داخل البلدات السبع
316,000
1,389,000,000
بيغن 2013
806,000
429,000*
146,500**
نصفها داخل البلدات
282,000
1,281,500,000
مقارنة ببرافر، بيغن أضاف 20 الف دونم من الأرض المصادرة وعليها ادعاء ملكية
· مقارنة ببرافر، بيغن أضاف حوالي 53 ألف دونم من الأرض المصادرة أو التي ليست تحت سيطرة بدو النقب
إن خطة برافر-عميدرور- بيغن لا يمكن تطبيقها للأسباب التالية:
- لا تشمل كل الأراضي التي يطالب بها عرب النقب فكل ما صودر وسجل على اسم الدولة هو خارج الاقتراح الذي قدمه بيغن. وتبلغ مساحة هذه الأراضي 488 ألف دونم (هي 200 ألف دونم أراضى جبل النقب التابعة لعشيرة العزازمة، 200 ألف دونم مصادرة في غربي النقب و 88 ألف دونم صودر في السنوات الأخيرة عن طريق ما سمي دعاوى مضادة (תביעות נוגדות).
-
- حسب توصيات بيغن فسيتم تعويض عرب النقب على الراضي التي قدموا عليها ادعاءات الملكية بين الأعوام 1971-1979 وليس ما كانوا يملكونه عام 1948. وبذلك يتراجع بيغن عن توصيات بليئة الباك ممثلة وزارة القضاء الإسرائيلية ومقدمة الاقتراح الأول في العام 1975 التي كانت على استعداد للاستعانة بالصور الجوية البريطانية لاثبات استعمال واستغلال أراضي النقب قبل العام 1948 وباتالي تعويض الناس بموجبها.
-
أراضي النقب المستغلة في منطقة وادي الخليل شرقي بئر السبع 1945
- توصيات بيغن لا تختلف جوهريا عن مخطط برافر فالجديد في توصياته هو إضافة حوالي 53 ألف دونم جديد والتي من الممكن – نظريًا- أن يحصل عليها عرب النقب مقارنة مع مخطط برافر لكنه في نفس الوقت قلص مبلغ التعويضات المالية على الأراضي التي لن ترجع لأصحابها بحوالي 110 مليون شيكل. وفي أحسن الحالات سيحصل عرب النقب على 146500 دونم أي ما يعادل حوالي 17% مما يطالبون به.
لكن كل هذا لن يحدث ليس فقط لان خطة برافر-عميدرور- بيغن مجحفة وعرب النقب يرفضونها وإنما لان الخطة بكل صيغها وخاصة الصيغة الأخيرة:
- لا تطرح حلا لمشكلة العرب الأولى في النقب ألا وهي قضية هدم البيوت
- تضع تقييدات وضوابط صارمة، لا تقبل التفاوض. فالانضمام للعملية دون نقاش مع بنودها وهو شرطا أساسيًا. كما أن مدعي الملكية لديهم فسحة قصيرة من الزمن لا تتعدى الشهرين للانضمام "للتسوية" وإلا خسروا كل أراضيهم.
- على مدعي الملكية من قبل سنوات السبعين من القرن الماضي إثبات استغلالهم واستعمالهم الأرض للزراعة.
- حجم التعويض يرتبط بعدد المنضمين للتسوية. فاقتراح القانون يفرض على مدعي الملكية الوارثين أن يتقدموا بطلب التعويض كشخص واحد (هناك 2850 ملفًا أصليًا لكن عدد الوارثين اليوم يصل إلى 23800 وريث وترفض الحكومة الحديث معهم كل على حده). وكلما قل عدد المنضمين للتسوية من الوارثين تقل كمية التعويض والتي من الممكن أن لا تتعدى العشرين بالمائة.
- الخطة لا تقترح حلول جدية لقضايا الأراضي وادعاءات الملكية في البلدات السبع الثابتة حيث تخطط الحكومة تهجير سكان القرى غير المعترف بها إلى هناك.
- كل من يعيش على أرضه لكنها صودرت وسجلت على اسم الدولة عليه التخلي عنها وتركها خلال فترة قصيرة
- القانون المقترح مبني على لغة القوة والبطش. يجيز الهدم واستعمال القوة والعنف والغرامات الباهظة على المواطنين بما فيها السجن. هذه الأمور يقررها أعضاء وحدة خاصة أقيمت لهذا الغرض. يظهرون بمظهر موظفين يعملون في الحقل لصالح "تطبيق القانون" وهم رجال شرطة وقضاة في ان واحد.
- بيغن يشير إلى "الحاجة" لترحيل وتهجير حوالي 45000 مواطن بعد أن "اوعد" برافر بتهجير 30 الف مواطن فقط. ومن المؤكد أن هذا الرقم ليس نهائيا.
- بشكل عام لا يوجد جهاز فعلى لحل المشكلة وإنما هيئة – شبه عسكريه يقف على رأسها الجنرال دورون الموغ ، قائد الحرب على غزة، في العام 2008، هدفها الصدام مع المواطنين العرب في النقب وليس حل مشكلة الأراضي المتنازع عليها.
الانتخابات من وراءنا لكن شيئا لم يتغير في النقب. خطة برافر تطبق يوميا حتى بدون سن قانون. نرى ذلك من خلال تسريع وتيرة هدم البيوت، حرث ألمزروعات، ملاحقة مربي المواشي، إغلاق الطرقات المؤدية إلى القرى الغير معترف بها وأشكال أخرى من الملاحقة. لكن عرب النقب ، أصحاب الأرض الأصليون سيواجهون تسونامي من هذه الممارسات، قادم لا محالة بعد إقرار قانون برافر في الكنيست في الأشهر القادمة. العشائرية والقبلية في المجتمع العربي في النقب هي حجر عثرة كبير أمام وحدة الناس. الوضع في النقب بعد مخطط (بل قل مصيدة) برافر-عميدرور- بيغن مخيف. وصفه خبير الأراضي السيد ايلي عتسمون –بأنه "إعلان الحرب على البدو". فماذا نحن فاعلون؟