ظننت أنّ الأيّام الجميلة سترافقنا دائما، واعتقدت أنّ الابتسامة لن تختفي عن وجوهنا، وآمنت بأنّ أصوات ضحكاتنا ستبقى ترتفع،ولن أحسب يوما أنّ للفراق مكانًا! في تلك الليلة، وأنا جالسة مع مجموعتي بين الأشجار في الأحراج،أستمع لآرائهم،ضحكاتهم
وصراخهم،جاءني اتصال، ولم أجب لكثرة اهتمامي بموضوع هؤلاء الشبان الّذين سيقودون المستقبل في يوم ما. وبعد أن انتهى حديثي معهم،عاودت الاتصال بذلك الشخص الّذي سلب منّي روحي، وأخذها لجانبه. في تلك اللّيلة بين الأشجار في الأحراج على أضواء المصابيح الصغيرة،على وميض القمر والنجوم،انتهت قصة شخصين، عاشا في قلب واحد! اعتقدت حينها أن الأمور على ما يرام،وأنّني لا آبه لذلك الشخص،فآمنت طوال حياتي في جملة قالتها أحلام مستغانمي:"أحبيه كما لم تحب امرأة، وانسيه كما ينسى الرجال".هذه الكلمات هي التي وصفت حالتي، حينها لم نتحدث لعدة أيّام،ولكن حين عدت للأحراج بين الأشجار، وتقابلت مع ذلك الشخص الذي كان من المحتمل أن يكون رفيق دربي،خرجت جميع المشاعر المكبوتة داخلي. لست أدري ما اعتراني حينها،أحسست بظلمة تغمرني، وكان ندائي الوحيد هو، يا رب،لم أستمع لصراخ وضحكات الأطفال،لم ار نور المصابيح ولا أشعة الشمس ووميض القمر. تصادمت أفكاري ومشاعري في بعضها،نظرنا لبعضنا بخفية، وظننا أن أحدنا لا يرى نظرات الآخر، أردت الحديث معه بشدة، ولكن كبريائي قد منعتني من ذلك،حبست الكلمات داخلي، وأوصدت عليها،ولكن قلبي كان يصرخ، ولم أستطع منعه من ذلك! كان يتفوّه بكلّ كلمة، كنت أريد قولها،ولم يكن هنالك مستمع أو منصت. ابتسامتي وضحكتي لم تفارقا وجهي، لأن شفتيّ لا تعلمان ما الذي يدور بداخلي. بما أننا كنا جسدين، ولنا قلب وروح واحدة، كيف لم يستطع سماع الضجيج الذي في داخلي،كيف لم يشعر بقلبي الذي يخفق بشدة؟ مرت الأيام بسرعة، ولم نستطع التحدّث والتكلّم،وها أنا هنا الآن،أكتب كلماتي، لعله يقرأها. انتظرتك كثيرا، علك تتفوه بكلمة واحدة، ولكنني كنت أنتظر عبثا، لعب القدر لعبته علينا،ولم يكن حبنا كافيا لمنعه من تفريقنا ،ماذا أقول لك سوى عليك اللّهفة، يا شاب،كم انتظرتك أنوثتي؟
نحن من عالمين مختلفين،أحدنا متطوّر والآخر لا يقبل التطور،لمجتمعين مختلفين، الذنب في تفريقنا للعادات والتقاليد، الذنب الأكبر ونحن من نلنا العقاب، فأين هي العدالة؟ فعدالة الأرض لم تساندنا وتساعدنا!
واستيقظت فحطّ على كتفي كناريّ مغرّدً!ا