د. محمد مصالحة، أخصائي أنف، أذن وحنجرة، وجراحة الأنف والجيوب الأنفية والجراحة التنظيرية لقاعدة الجمجمة يتحدث عن:
انسداد الأنف، أسبابه، وعلاجه
"لا يجب التأخر عن التوجه للطبيب عند ظهور الأعراض فالعلاج المبكر قد يمنع تفاقم الحالة ويجنبنا علاجات إضافية"
"توجد الكثير من الأدوية الفعالة والناجعة وفي بعض الحالات قد نلجأ إلى الجراحة لتحسين جودة حياة المريض والتخفيف من معاناته".
يعاني الكثير من الأشخاص من انسداد الأنف، الأمر الذي يؤثر على جودة حياتهم ويسبب لهم الكثير من المعاناة. أسباب انسداد الأنف عديدة، وللحديث عن هذا الموضوع، والعلاجات المختلفة، التقينا د. محمد مصالحة، أخصائي أنف، أذن وحنجرة، وجراحة الأنف والجيوب الأنفية والجراحة التنظيرية لقاعدة الجمجمة، وكان معه هذا الحديث.
في البداية استهل د. محمد مصالحة حديثه عن إنسداد الأنف وأسبابه بشكل عام، وقال: "هناك الكثير من الأسباب التي تؤدي إلى انسداد الأنف، وهذا الأمر يختلف وفقا للجيل، الأعراض الأساسية ولمدة انسداد الأنف. أكثر سبب شائع لانسداد الأنف هو مرض فيروسي عابر يسبب عادة انسداد الأنف لعدة ايام، ويعاني كل شخص تقريبا من هذه الحالة لمرة واحدة في السنة على الأقل، وعادة يرافق انسداد الانف الرشح، ألم في الحلق، سعال، وهذه تعد التهابات فيروسية عابرة في مسالك جهاز التنفس العلوي بما في ذلك مسالك الأنف والجيوب الأنفية، أو كما تعرف "بنزلة البرد"، ولا تحتاج إلى علاجات خاصة او مضادات حيوية بل فقط علاجات داعمة لأعراض المرض مثل مسكنات الآلام ان وجدت، وأدوية تخفف من الرشح أو رذاذات موضعية ضد احتقان الأنف لفتح الأنف ، مثل رذاذات الستيروئيدات. يوصى أيضا بالإكثار من الفاكهة الغنية بفيتامين سي. لكن ممكن ان يتحول التهاب الأنف من التهاب بسيط في مسالك التنفس العليا الى التهاب في الجيوب الأنفية حيث يعاني المريض في هذه الحالة من تحول في لون افرازات الأنف مثلا تصبح خضراء أو صفراء، فقدان حاسة الشم أو آلام في الوجه، وفي هذه الحالات يتعلق العلاج بحدة المرض، ويكون العلاج من خلال تنظيف الأنف برشاشات الماء والملح واستعمال رذاذات مضادة للاحتقان ورذاذات ضد الالتهابات خاصة من عائلة الستيروئيدات، وفي حالات معينة عند تفاقم الحالة المرضية قد يحتاج المريض للمضادات الحيوية".
ومضى د. محمد مصالحة في حديثه: "ممكن أن يكون التهاب الجيوب الانفية من فئتين، مؤقتة (حاد) فيها لا تتجاوز الاعراض مدة ال 3 شهور, أو مزمنة عندها تستمر الالتهابات في الجيوب الأنفية لأكثر من 3 أشهر, في الحالات المزمنة قد تنمو أنسجة التهابية داخل الأنف (POLYPS) علاجها عادة عن طريق ادوية ضد الالتهابات مثل الستيروئيدات ، وفي أحيان أخرى عند عدم نجاح الأدوية في تخفيف اعراض المرض ، يحتاج المريض إلى عملية تنظيرية في الأنف لتحسين تصريف إفرازات الأنف ولتوسيع مسالك تصريف الجيوب الأنفية وإزالة الأنسجة الالتهابية من الأنف. العلاجات في أغلب الحالات ان كانت بالأدوية أو من خلال إجراء العمليات، فإنها تساعد في تحسين جودة حياة المريض".
وأضاف د. محمد مصالحة: "توجد أيضا أسباب أخرى لانسداد الأنف وتعود لعوامل تحسسية حيث يعاني منها 10%-20% من الأشخاص، وفي هذه الحالات يعاني المريض من جهاز مناعة فعال دون ان يكون بالضرورة جسم غريب أو تلوث، واعراضها انسداد الأنف، صعوبة التنفس من الأنف، سيلان شفاف يحتد من وقت لآخر، حكة في الأنف وعطاس متواصل، عند البعض قد يحتد المرض عند تبدل الفصول، أو في موسم الإزهار، وهذا المرض يدعى المرض التحسسي الموسمي. أحيانا قد يعاني المريض من الاعراض طيلة السنة بغض النظر عن المواسم. والعلاج الأمثل والأنسب هو علاج بالأدوية وأساسها رذاذات موضعية مضادة للالتهابات مثل ستيروناز، فليكسوناز، نازوكورت وافاميس وهي من عائلة الستيروئيدات ووظيفتها تخفيف الالتهابات الموضعية، الستيروناز مثلاً يتميز بقدرته على التحول إلى قوام شبيه بالجل الناعم يسمى تيكسوتروبي , هذه الميزة تزيد من نجاعة العلاج لأنه يعمل على الأعضاء المطلوبة دون أعراض جانبية ودون ترك طعم أو رائحة، هذا الرذاذ سريع الفعالية حيث يصل خلال 3 دقائق الى الأعضاء المطلوبة، ومن الأكثر أمنا ونجاعة في فئة الرذاذات التي تعالج السيلان التحسسي وفق مقياس النجاعة والأمان. الرذاذات من هذه العائلة ملزمة بوصفة طبيب.
كذلك توجد أدوية على شكل أقراص وحبوب من عائلة مضادات الهيستامين مثل ايريوس، لوراتيدين، تلفاست وغيرها، الدواء الأخير هو من الجيل الثاني والجديد لمضادات الهيستامين، معروف أنه آمن للاستخدام، لا يؤدي إلى النعاس لأنه لا يدخل إلى خلايا المخ، وهو الوحيد المصادق عليه في الولايات المتحدة الأمريكية للطيارين من قبل Federal Aviation Administration ، بالإمكان استخدامه لفترة زمنية طويلة وفق الحاجة ووفق توصيات الطبيب بدون مضاعفات، ودمج العلاجين معاً رذاذ الستيروئيد ومضاد الهستامين، مثلا ستيروناز وتلفاست يكون عادة ناجعا جدا في علاج مثل هذه الامراض التحسسية".
وتابع د. محمد مصالحة: "لمن يعاني من الحساسية يتم التشخيص من خلال فحص الطبيب المختص بما في ذلك تنظير الانف، أحيانا لأثبات المرض تجرى فحوصات إضافية مثل فحوصات جلدية لردة فعل الجسم لمسببات الحساسية، وكذلك يحتاج بعض المرضى الى علاجات هدفها تعويد الجسم على مسببات الحساسية، وقد نلجأ لدى من يعاني من احتقان الأنف التحسسي إلى عملية تنظيرية لتحسين مجرى التنفس وتسهيل دخول رذاذات الأنف الموضعية للأنف وللجيوب الأنفية، وبالتالي تحسين جودة حياة المريض. جدير بالذكر ان هناك أسباب لانسداد الأنف تتعلق بمبنى الأنف، مثلا لدى أطفال معينين حسب فئة الجيل قد يكون سبب انسداد الأنف هو اللوزة الثالثة المتضخمة، والتي قد تضيق مجرى النفس وتسبب الشخير لدى الأطفال خلال نومهم، النوم مع فتح الفم، وحتى إصابتهم بتوقف التنفس المؤقت خلال النوم، والعلاج في هذه الحالات يكون عادة باستئصال جراحي للوزة الثالثة. طبعا هناك أسباب إضافية لانسداد الانف لدى الأطفال بعضها يعود لمشاكل تكوينية مولودة. عند الكبار نسبة كبيرة يعانون من اعوجاج حاجز الأنف وأحيانا يكون الاعوجاج شديدا ويؤدي إلى انسداد الأنف والعلاج عادة يبدأ باستخدام رذاذ موضعي من عائلة الستيروئيدات، وان لم ينجح العلاج قد نلجأ إلى الجراحة. لا يجب أن ننسى أسباب انسداد أخرى اقل شيوعا، مثل التضخمات الورمية وسبب اغلاق الأنف يكون وجود ورم في الأنف وقد تكون هذه الأورام حميدة وقد تكون خبيثة. عادة يكون الانسداد في هذه الحالة في جهة واحدة والتشخيص يكون من خلال فحص تنظيري وفحص مختبري لعينة من الورم بالإضافة الى الصور الطبقية والمغناطيسية". العلاج عادة يكون بواسطة تدخل جراحي مع او بدون علاجات اشعاعية وكيميائية
بالنسبة للعلاجات بالرذاذات الموضعية يوضح د. محمد مصالحة: "توجد رذاذات مضادة للالتهابات من عائلة الستيروئيدات تمنح بوصفة طبيب، وتوجد رذاذات أخرى يحصل عليها المريض بدون وصفة طبيب وتفتح الأنف بطريقة سريعة، لكن يجب الحذر فهذه الرذاذات تقلص الأوعية الدموية وبالتالي تفتح الأنف لفترة مؤقتة من خلال تقلص المباني داخل الأنف بما في ذلك القوقعتين، وهذه الأدوية مثل اكسيلوميتازولين، ناجعة لتحسين الاعراض لكن يجب الحذر من استعمالها لفترة طويلة، فعادة استعمالها مسموح لأيام معدودة، واستعمال الأدوية لفترات طويلة قد يؤدي إلى أعراض معاكسة فيعتاد الجسم على الدواء ويتعلق به، ولا ينصح باستخدامها للأطفال، وإن تم ذلك فبتركيز مخفف. بالمقابل الرذاذات المضادة للالتهاب لا تؤدي إلى تعلق الانسان بالدواء، وهذه الرذاذات امتصاصها في الجسم قليل جدا وأثبتت نجاعتها في استخدامها لفترات طويلة ودون مضاعفات جدية".
واختتم د. محمد مصالحة حديثه ووجه نصائح للقراء قائلا: "أنصح الجميع بعدم التأخر في التوجه للطبيب في حالة ظهور الأعراض التي تحدثنا عنها واستمرارها، ويجب التوجه الى طبيب مختص، وعادة تكون الفحوصات بسيطة حتى الحصول على التشخيص اللازم، فالعلاج المبكر يخفف من العلاجات الصعبة ودائما الوقاية أفضل، وأنصح من يعاني من الحساسية التزود بالأدوية اللازمة والكافية لفترة السفر وعليهم القيام بهذا الأمر بالتنسيق مع الطبيب، وعلى الأهل الانتباه لأطفالهم خاصة الصغار والذين ليست لديهم قدرة على الكلام أو التعبير عن أنفسهم، فعند مشاهدة الأعراض كسيلان متواصل بالأنف، يجب التوجه إلى الطبيب، فأحيانا تكون المشكلة بسيطة ولا تحتاج إلى علاج معقد الأمر الذي يحسن جودة حياة الطفل ويخفف من معاناته، كذلك من المهم جدا ألا يقوم الأولاد بإدخال أجسام غريبة إلى داخل الأنف، وعلى الأهل الانتباه إلى هذا الأمر".