في الوقت الذي كثر فيه الحديث خلال السنوات الأخيرة حول إمكانية غزو كوكب المريخ، والوصول إليه عبر رحلات مكوكية للتعرف على خفاياه ودراسة طبيعة الحياة هناك، أكد مؤخراً اثنان من العلماء أن استعمار الكوكب الأحمر قد يحدث بشكل أسرع وبصورة اقتصادية أكبر، إذا ما تصرف رواد الفضاء بالطريقة نفسها التي انتهجها المستوطنون الأوائل الذين أتوا إلى أميركا الشمالية، دون أن يتوقعوا العودة لبلادهم مرة أخرى.
وفي هذا السياق، قال ديرك سكولز – ماكوش، الأستاذ بجامعة ولاية واشنطن الذي شارك في تأليف مقال يقترح بشكل جدي ما تبدو وكأنها فكرة منافية للعقل: "النقطة الأساسية هي تحريك الجهود الرامية إلى استكشاف كوكب المريخ". في حين قال إد ميتشل، الذي سبق له زيارة القمر ضمن بعثة أبولو 14 عام 1971: "هذا الأمر سابق لأوانه.
فنحن لسنا مستعدين لتلك الخطوة بعد". ومع هذا، فقد قوبلت الفكرة بترحاب شديد من جانب وكالة أبحاث الفضاء الأميركية، المعروفة باسم "ناسا".
وأفادت في هذا الشأن صحيفة واشنطن تايمز الأميركية بأن الرئيس باراك أوباما وضع خطة من أجل الذهاب إلى كوكب المريخ بحلول منتصف ثلاثينات القرن الحالي، لكنه لم يشر مطلقاً إلى أن هؤلاء المسافرين الفضائيين لن يعودوا مرة أخرى. ونقلت الصحيفة عن مايكل بروكوس، ناطق باسم ناسا، قوله : "نريد أن نضمن عودة أناسنا".
وعن المقترح الخاص بإمكانية غزو المريخ مستقبلاً، نقلت الصحيفة عن سكولز- ماكوش وبول دافيز، عالم الفيزياء في جامعة ولاية أريزونا، قوليهما إن البشر يجب أن يبدؤوا في استعمار كوكب آخر تحوطاً من وقوع كارثة على كوكب الأرض. ثم مضت الصحيفة تشير إلى أنهما يعتقدان أن تسيير رحلات في اتجاه واحد قد يبدأ خلال عقدين من الزمن.
وأوضح سكولز- ماكوش أن الأمر يجب أن يتم عبر إرسال أشخاص كبار في السن، تقدر أعمارهم بنحو الستين أو شيء من هذا القبيل، وذلك لأن تلك المهمة الفضائية ستقلل من المدى الزمني لحياة الأشخاص، حيث سيكون هناك نقص في سبل الرعاية الطبية، فضلاً عن التعرض للإشعاع، الذي قد يتسبب أيضاً في إتلاف الأعضاء التناسلية.
وقد اقترح كلا العالمين أن تبدأ الرحلات إلى كوكب المريخ بفريقين، يتكون كل منهما من عضوين، في سفن فضاء منفصلة من شأنها أن تعمل كأماكن للمعيشة على سطح الكوكب، على أن يعقب ذلك وصول المزيد من المستعمرين وسفن الإمدادات المنتظمة.
ثم أشارا إلى أن التقنيات التي ترتكز عليها مثل هذه الرحلات متوافرة، وقالا إن عدم اصطحاب الوقود الإضافي أو المؤن اللازمة لرحلات العودة مرة أخرى إلى كوكب الأرض، سيعمل على خفض تكلفة المهمة بنسبة تصل إلى 80%. ومضى العالمان ليشددا على ضرورة إدراك حقيقة أنهما لا يقترحا "مهمة انتحارية".
كما أكد سكولز- ماكوش على أن كل ما يريدونه في ما يتعلق بهذا الأمر هو الدعم المادي الضخم من جانب أحد الأثرياء، حتى يتحول ما يحلمون به إلى حقيقة على أرض الواقع.