تصدر الهواتف الخلوية أشعة كهرومغناطيسية، وهي معروفة لدى البشرية منذ أكثر من مئة عام – ولم يستطع أي بحث أن يثبت علاقة بين هذه الأشعة والسرطان.
لم يتم التوصل لإيجاد أي علاقة تثبت أن استخدام الهواتف الخلوية يزيد مخاطر الإصابة بسرطان الدماغ. هذا ما جاء في بحث جديد نشرت نتائجه بعد نحو شهر من نشر "منظمة الصحة العالمية" لمعطيات مفادها أن استخدام الخلويات من شأنه أن يسبب مثل هذه الأورام.
وفق المعطيات التي نشرتها "اللجنة الدولية للحماية من الأشعة المؤينة"، فإنه لا يمكن ملاحظة ارتفاع بمعدلات الأورام السرطانية التي تصيب الدماغ بعد نحو 20 عاما من استخدام الهواتف الخلوية، وبعد نحو 10 سنوات من تحول التكنولوجيا الخلوية لتكنولوجيا شعبية واسعة الانتشار. وقد تم نشر هذه المعطيات في المجلة الشهرية التابعة للمعهد الأمريكي للبحوث العلمية والبيئية.
هذا، وكان من بين أعضاء اللجنة التي نشرت نتائج هذا التقرير علماء من بريطانيا، السويد، أستراليا والولايات المتحدة. وقد قامت مجموعة الباحثين بمراجعة نتائج كل الأبحاث التي تم نشرها في مجال البحث عن علاقة بين استخدام الهاتف الخلوي وسرطان الدماغ، فيما ترأس فريق البحث البروفيسور "أنتوني سوردول"، المختص بأبحاث الأمراض الوبائية في مركز أبحاث السرطان في لندن.
وتقوض نتائج البحث الذي أجراه الفريق، الأساسات التي تقوم عليها المعطيات التي عممتها منظمة الصحة العالمية قبل نحو شهر. لكن لا بد هنا من الإشارة إلى أن الباحثين ما زالوا غير قادرين حتى الآن على إثبات عدم وجود تأثير للخلويات على الدماغ بشكل مطلق.
وقد قال البروفيسور "ديفيد شبيجيلهالتر" من جامعة "كامبريدج" البريطانية إن مجال البحث هذا هو مجال معقد وفيه صعوبة بإجراء الأبحاث. وأضاف: "لكن، وعلى الرغم من كل الصعوبات، بإمكاننا الاستنتاج أن كل خطورة قد يشكلها استخدام الخلويات على الصحة، هي خطورة صغيرة وهامشية ومن الصعب تشخيصها، رغم العدد الضخم لمستخدمي الهواتف الخلوية".
أما البروفيسور "أبراهام كوطن"، مدير قسم الأمراض السرطانية في مستشفى "رمبام"، فيقول إن هذه المعطيات المتناقضة التي يجري نشرها تباعا، سببت الكثير من البلبلة للجمهور الواسع، بل إنها أدت لاستنتاجات غير صحيحة، ولهستيريا وقلق لا حاجة ولا مبرر لهما، نتيجة لفهم الجمهور الخاطئ لهذه المعطيات".
وأضاف: "وفق المعطيات، تم تصنيف الهواتف الخلوية بين المنتجات التي تنطوي على احتمال التسبب بالأورام السرطانية، إلى جانب مواد أخرى كالقهوة و"التلك" (سيليكات المغنيسيوم). نحن نتحدث عن مجموعة من المواد التي ينطوي استخدامها على احتمال ضئيل للتسبب بالسرطان. وكما في بقية المواد الموجودة بهذه المجموعة، هنالك شك بأن استخدام الهواتف الخلوية بوضعيات معينة، لدى مجموعة محددة من الناس، وبأجيال معينة، ونتيجة للاستخدام المتواصل لفترات طويلة جدا، وبتحقق شروط أخرى غير معروفة، من الممكن أن يسبب السرطان".
أقوال البروفيسور "كوطن" هذه، تصبح ذات مصداقية إذا ما علمنا أن قرار منظمة الصحة العالمية يعتمد أساسا على الأدبيات والمنشورات الطبية الموجودة حتى الآن. عن هذا الأمر، قال كوطن: "تصدر الهواتف الخلوية أشعة كهرومغناطيسية، وهي أشعة عرفتها الإنسانية منذ أكثر من مئة عام. وقد تم إجراء الكثير من الأبحاث على العلاقة بين التعرض لهذه الأشعة وبين الإصابة بأمراض ورمية خبيثة. والحقيقة أن ليس هنالك أي بحث استطاع أن يثبت بشكل قاطع وجود علاقة من هذا النوع. بالمقابل، وبخلاف ذلك، تم الإثبات بشكل قاطع وواضح، أن الأشعة النووية تسبب السرطان. وهذه الأشعة تختلف تماما عن الأشعة الصادرة عن الخلويات، والتي تم تعريفها على أنها أشعة غير مؤينة، ولم تثبت قدرتها على تسبيب السرطان، نظرا لعدم قدرتها أصلا على التغلغل داخل الجمجمة البشرية، ولذلك فإنها لا تصل مطلقا إلى الدماغ ولا يمكنها أن تسبب أي أورام سرطانية فيه كما يدعي البعض. أما عند الحديث عن الأشعة الخلوية وعلاقتها بالأورام التي تصيب الغدة اللعابية، فإن الحديث هنا يدور عن عدد صغير جدا من الحالات، والتي تعتبر الأورام في قسم كبير منها أوراما حميدة قابلة للشفاء، ومع ذلك فأنا أقول إننا يجب أن ننتظر نشر نتائج أبحاث أوسع وأكثر شمولا في هذا المجال بالذات".