سيل المعلومات على الانترنت يجعل مخنا رقميا
2014-04-11 12:53:09
حذر باحثون مختصون بعلم الأعصاب المعرفي من ان الانسان في عصر الانترنت بدأ يطور مخاً رقمياً بدوائر عصبية جديدة للمرور سريعا على سيل المعلومات الذي ينهال عليه عبر الشبكة. وان هذه الطريقة البديلة في القراءة السريعة تزاحم دائرة القراءة التقليدية العميقة التي تطورت في مخ الانسان على امتداد ملايين السنين.
قالت ماريان وولف عالمة الأعصاب المعرفية في جامعة تافتس الأميركية "ان خوفي من الطريقة السطحية التي نقرأ بها خلال اليوم وتأثيرها فينا عندما يتعين علينا ان نقرأ قراءة تحليلية أعمق". 
وكانت شركة اي ماركيتر التي ترصد السلوك الرقمي توقعت ان يطول الوقت الذي يمضيه الشخص البالغ في الولايات المتحدة على الانترنت ، سواء أمام شاشة الكومبيوتر أو الهاتف الذكي ، سيزيد على 5 ساعات في اليوم عام 2013 بالمقارنة مع 3 ساعات في عام 2010. 
 
ودعا حشد من العلماء ومحبي الكلمة الى تأسيس حركة من أجل "القراءة البطيئة" تستوحي حركة الأكل البطيء ردا على انتشار مطاعم الوجبات السريعة. ويعمل باحثون على دراسة الفوارق بين القراءة على الانترنت والقراءة على الورق وما قد تعنيه هذه الاختلافات ليس للاستمتاع بالأعمال الأدبية فحسب وانما لفهم مواد صعبة في المدرسة والعمل أيضا. ويبدو بادئ ذي بدء ان الاستيعاب يكون أفضل مع الورق. 
 
تعطيل ملكة القراءة لدى الأطفال
 
ويخشى العلماء من ان الآصرة التي تشد اليافعين والأطفال الى أجهزة الآباء واتقانهم استخدامها يمكن ان يعطلا تطوير مهارات ذهنية مثل مَلَكة القراءة العميقة. ويكون المخ المتفرج البرئ في هذا العالم الجديد. فهو يعكس طريقة حياتنا لا أكثر. وقالت العالمة وولف "ان المخ يكون مرنا طيلة حياته ويتكيف باستمرار".
 
العجز عن التركيز
وذُهلت وولف التي تعتبر من أكبر العقول الأكاديمية عالميا في دراسة القراءة ، حين اكتشفت ان دماغها أيضا يتكيف. واعترفت وولف بأنها بعد تصفح الشبكة ذات يوم وقراءة مئات الرسائل على البريد الالكتروني جلست في المساء لقراءة رواية هيرمان هيسة "لعبة الكراة الزجاجية" فوجدت نفسها عاجزة عن التركيز.  ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن وولف قولها "كان إكمال قراءة الصفحة الأولى عذابا. لم أتمكن من حمل نفسي على القراءة المتأنية بحيث لا أمر على النص مرورا سريعا بل كنتُ التقط المفردات الأساسية وانظُّم حركات عيني لجمع أكبر قدر من المعلومات بأسرع وقت. وقد شعرتُ بالقرف من نفسي".
يقول العلماء ان المخ لم يُصنع للقراءة. إذ ليست هناك جينات للقراءة مثلما هناك جينات للغة أو النظر. ولكن المخ تكيف لكي يقرأ بدفع من ظهور الكتابة الهيروغليفية المصرية والأبجدية الفينيقية والورق الذي اخترعه الصينيون ومطبعة غوتنبرغ. 
 
القراءة على الورق ورسم الصور
 
وقبل الانترنت كان الدماغ يقرأ في الغالب بطرق خطية حيث الصفحة تفضي الى صفحة أخرى وهكذا. قد تكون هناك صور مع النص ولكن مثل هذه الانقطاعات في تسلسل القراءة ليست كثيرة. ومنحتنا القراءة على الورق قدرة استثنائية على تذكر مكان المعلومات الأساسية في كتاب ما ، من تصميمه ، كما يؤكد باحثون مشيرين الى ان القارئ يعرف ان البطل مات في الصفحة كذا ذات المقطعين الطويلين بعد الصفحة التي تضمنت ذاك الحوار.
ولكن الأمر يختلف مع الانترنت. فان كثرة المعلومات والنصوص وأفلام الفيديو المرافقة للكلمات والتفاعلية المتوفرة تدفع أدمغتنا الى البحث عن طرق مختصرة للتعامل مع هذا السيل ، منها المسح العابر للنص ، والبحث عن المفردات الأساسية فيه والمرور سريعا على النص من أعلى الى أسفل ، الخ. وهذه قراءة غير خطية وثَّقتها دراسات أكاديمية. ويعتقد بعض الباحثين ان هذه الطريقة في القراءة بدأت تغزو المخ لدى التعامل مع وسائط أخرى ايضا.
وقال البروفيسور اندرو ديلون من جامعة تكساس "نحن نمضي كثيرا من الوقت في اللمس والضغط والنقر والربط والمرور السريع والقفز عبر النص بحيث عندما نجلس مع رواية تكون عادات القفز والنقر والربط اليومية مترسخة في المرء". وأضاف البروفيسور ديلون قائلا "نحن نعيش في هذه الحقبة الجديدة من السلوك المعلوماتي وها نحن نرى عواقب ذلك".
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق