مخطئ من يظن أن حدود شبكات التواصل الاجتماعي وعلى رأسها فيس بوك تقتصر على مجرد إتاحة الفرصة للتعارف وطرح الأفكار والتعبير عن الرأي، فيوماً بعد الآخر، يتضح لنا أن الشبكة الاجتماعية الأكثر شهرة في جميع أنحاء العالم على دراية بأمور كثيرة عن مستخدميها لدرجة تفوق تصورهم إلى حد كبير.
بالإضافة لكم المعلومات الشخصية التي يحتفظ بها الموقع عن مستخدميه في قاعدة بياناته الضخمة، أطلق يوم أمس الطاقم التقني للشبكة تطبيقا ً جديدا ً يطلق عليه " مؤشر إجمالي السعادة القومية"، وهو التطبيق الذي يتيح وضع رسوم بيانية قياسية لأحلام وآمال ومعنويات العالم بأسره !
ويعرض هذا المؤشر حاليا ً رسما بيانيا لمعلومات وبيانات تمت جدولتها على مدار السنوات القليلة الماضية لاقتفاء أثر "مشاعر السعادة" لدى مستخدمي الفيس بوك بناءا ً على الكلمات التي يتم التقاطها من مراكز الرسائل الخاصة بهم. وتشير تقارير صحافية إلى أن هذا التطبيق الجديد يقتصر حاليا ً على مستخدمي الفيس بوك المقيمين بالولايات المتحدة، وهم المستخدمون الذين يمثلون نسبة تقل عن ربع إجمالي أعضاء الشبكة البالغ عددهم 300 مليون عضو – الذين يستخدمون اللغة الإنكليزية كلغة افتراضية بالنسبة لهم.
من جانبه، قال آدم كرامر، الطالب الحاصل على دكتوراة في علم النفس ويعمل في الفيس بوك :" بدأ العلماء المختصون في تجميع وتحليل البيانات مطلع هذا العام مشروعا ً لقياس المزاج العام للأميركيين على الفيس بوك، على أساس المشاعر التي تم التعبير عنها في التحديثات الخاصة بوضعية المستخدمين على الشبكة". وقد تبين للمختصين أن القياسات البيانية للسعادة تسلك مستوى تصاعديا خلال بعض المناسبات والأعياد منها عيد الشكر وعيد الميلاد وعيد الحب، تماماً مثلما هو الحال مع الأيام ذات الأهمية التاريخية مثل اليوم الذي انتخب فيه باراك أوباما رئيسا ً للولايات المتحدة. وتكون هناك أيضا ً أيام تخيم عليها "مشاعر الحزن"، مثل يوم الثاني والعشرين من شهر يناير / كانون الثاني من العام 2008، الذي شهد حظاً متعثرا ً في حدثين، أولهما انهيار سوق الأوراق المالية الآسيوية وكذلك العثور على الممثل الشاب هيث ليغر ميتا ً.
هذا وقد سبق للرئيس التنفيذي للفيس بوك، مارك زوكربيرغ، أن تحدث في يناير الماضي مع المدون روبيرت سكوبل في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، في سويسرا، وحينها أعرب عن رغبته في استخدام كميات هائلة من البيانات المتاحة على شبكة التواصل الإجتماعي لإنشاء نوع من أنواع "المحركات الخاصة بالمشاعر والأحاسيس". وحينها، كتب سكوبل عبر مدونة قائلا ً :" لقد قال ذلك بالفعل، حيث تحظى أطقم العمل بالشبكة بقدرة على الإحساس بالمنحنى العام عند وقوع أحداث سيئة. وأكد لي ( زوكربيرغ ) أن محرك مثل هذا يمكنه أن يلحظ قدرا كبيرا من حالة المستخدمين المزاجية".