مع عملاق الزجل الفنان الزجال الشعبي الشاعر الموهوب " امير المنبرين "
ابي شادي طليع نجيب حمدان في عرينه قرية عين عنوب القرية القريبة من بلدة الشويفات
بقلم: الشيخ د. نجيب صعب –ابو سنان
ما ان يخرج الزائر من الشويفات متجها المنطقة الجبلية جبال الشوف ، تطل عليه ضيعة عين - عنوب معقل الشاعر المحبوب ابي شادي وكأنها معلقة في السماء وتحيطها الخضرة من كل جانب على طريق بلدة عاليه المشهورة بمصايفها ، وقد خصها الباري عز وجل بالمناظر الخلابة والاطلالة المشرقة ، إضافة الى يشعر الزائر وهو في عين عنوب يطل على البحر ويرى بيروت بكاملها امامه ومن حوله يمينا وشمالا ضيعات زاهية حتى شاطئ البحر الأبيض المتوسط ، حقا انه منظرا خلابا يشرح الصدر وضيعة تستحق ان ينشا ويترعرع فيها الزجال ابو شادي الذي طالما تمنينا ان نلتقي به ، وان الله جل ذكره حقق للكثيرين امنياتهم والتقوا به ، وكنت واحدا من الذين تمنوا ذلك وحقق سبحانه مناهم ، والتقيت بصاحب الطلة البهية والبشوش الوجه الكريم النفس في منزله عين-عنوب حيث استقبلني بكل حفاوة وترحاب مؤكدا في ملقاه شوقه الينا وحبه في رؤيتنا ، هذا حقا ما لمسته منه قبل ان نبدا اللقاء حيث دار بينا الحديث التالي :
س – بداية اود اخي أبو شادي لو سمحت أن تطلع الجمهور الكريم في مستهل لقائنا باختصار عن تاريخ حياتك الفني تفضل
ج- قبل كل شيء ارحب اخ نجيب واهلا وسهلا وقبل ان نبدأ الحديث من كل أعماق قلبي اقدم تحية خالصة لك ولإخواننا واهلنا الدروز ولكل من يسال عنا في إسرائيل واعترف بان إخواننا في إسرائيل قد افضلوا علينا بحبهم الصادق الينا واعتز من كل قلبي بحبهم لانهم محافظين على درزيتهم واصالتهم ، حيث ان من لا يحافظ على اصله أيا كان فمصيره الفشل المحتوم ، وتربطنا اخي نجيب كما تعلم ان كنا سوريا ولبنان واسرائيل وفي كل مكان اخر في ارجاء المعمورة بيننا رباط ديني لن يتزعزع ما زلنا على قيد الحياة وهو الذي يجمعنا سواء ،ومن هنا ننتقل الى الحياة الفنية وأقول : انا انسان تربيت في بيت فلاح ، ابي نجيب علي حمدان فلاح وصاحب رزق وشيخ دين وكان يحب الشعر الروحاني ، وعندما عمري10-12 سنة بدأت احفظ ابيات زجل وشعر لشحرور الوادي وعلي الحاج وان علي الحاج واسعد خوري هما اللذان اسسا المنبر اللبناني وواظبت آنذاك على حفظ الاشعار وبعض الردات وصوتي حلو وتابعت المسيرة كذلك .
س –وكيف كنت تربط بين الشعر والزجل والمدرس؟
ج – كنت اذهب الى المدرسة بالقرب من بيتنا واستاذي شكيب فرج من الشويفات وعند وصولي الى المدرسة كان يقول لي : يا بتغني يا اما بقتلك وهو اليوم في البرازيل ، الا انه كان يحبني كثيرا ويرغب دائما في سماع صوتي
س – وبعد خروجك من المدرسة أبو شادي ماذا فعلت يا ترى؟
ج – عندما بلغت سن ال18 من العمر كانت لدي إمكانيات لمتابعة دراستي الثانوية والعليا، الا اني لم ارض رغم رغبة والدي بذلك الا اني لست نادم، لأنك اخي نجيب يمكنك ان تحصل على بكلوريا لكن فيك تعمل شاعر اذا ربك مش عاملك شاعر ، وكنت عندما يأتي الربيع تبدا حفلات الزجل في لبنان ، اترك المدرسة وعلى الحفلات الى ان أصبحت اغني وانظم من فكري وانا في سن ال18 .
س- اخ طليع متى غنيت اول حفلة في لبنان كبداية عهدك الفني؟
ج- في سن العشين واحد وعشرين غنيت اول حفلة في كفار شيما والثانية في كفار سلوان ، والحفلة التي انطلقت فيها شعريا كانت على ساحة الدباس في بيروت بحضور الكثيرين من شعراء لبنان مثل وليام صعب وزين شعيب وعندها كان عمره 40 سنة ، وكان موضوع الحفلة " بين القلب والعين " واخذت انا موقف المدافع عن القلب والزميل فؤاد شعبان كان يدافع عن العين وقلت للجمهور: "الانسان يمكن ان يعيش بدون عين اما بدون قلب لا يمكن وهذا كل انسان يعرفه ، انما البلاغة في قفلة القصيدة أي نهايتها ، فقلت عندها للشعراء الجمهور بردة جميلة جدا : " اللي بحب قلبه اكثر من العين يجيب قلبه ويأخذ عيوني " وابى الجمهور الا ان اعيدها ، وعندها تعرفت لأول مرة على زين شعيب ابي علي حيث قال لي : خليك هيك وانك ستصبح شاعرا من اكبر الشعراء من خلال هذه الحفلة أصبحت علاقتنا جيدة ويرفض زين شعيب ان يغني في اية حفلة الا اذا كنت موجود ، ويطلبني من بين الجميع في الحفلات السهرات والمأتم.
س – وتمكنت ابا شادي من تنظيم مباريات زجلية في بداية عهدك الفني مع شعراء زجالين؟
ج- نعم بدون شك، اول مباراة قمنا بها زين شعيب وانا في خلدة بعد ان عملت عدة سنوات وكانت الحفلة تحت رعاية الأمير مجيد أرسلان.
س – وماذا عن الزملاء الشعراء وعملكم المشترك أبا شادي " امير المنبرين"؟
ج – بعد حفلة خلدة غنيت سنة انا وادوار حرب وزين شعيب، حيث كان خلافا بين زين شعيب وزغلول الدامور ، وبعدها اتفقنا انا وزين شعيب والزغلول وادوار حرب والفنا فرقة فنية عملت فترة 9 سنوات ، وانا شخصيا احترم الزغلول وزين شعيب وكل الشعراء اللبنانيين في حقل الغناء وفكرت ان اقيم فرقة زجل انا وادوار حرب ، والاحداث الأخيرة في لبنان بشكل عام حالت دون ذلك وانفصلنا عن بعضنا الا اني اقمت فرقة جديدة- جوقة زجل جديدة – باسم "فرقة لبنان الجديدة " انا ونزيه صعب وانطون سعادة وخليل شحرور ، والأوضاع الشعرية اليوم جيدة والأمور ميسرة والحمد لله
س – نحن نعلم قليلا عن العلاقات بين الفنانين وهل لك ان تطلع الجمهور الكريم عن العلاقة بينك وبين الزغلول وزين شعيب؟
ج – اخر مرحلة كانت بيني وبين زغلول الدامور في كندا، لا يزال حتى اليوم صديقي وصاحبي هو وزين شعيب اليوم في لبنان وقد طاب الحديث بيننا وتخللت اللقاء دردشات ومزاح اخوي حقيقة، حيث ينتقل بنا الأخ طليع الى الجانب العملي في حياته الاجتماعية ويستطرد في حديثه الشيق قائلا ببشاشة وطيب خاطر حيث يقول ما يلي: امل بعون الله ان تتحسن الأحوال ونستطيع ان نغني عندكم في إسرائيل بين اقاربنا واصدقائنا انشاء الله ، وفي الحقيقة في بداية قولي الشعر كنت اصب بلاط ، ثم عملت فترة 4 سنوات نحات حجر ، وبعد الانطلاق شعريا قبل حوالي 15 سنة لم اعد اعمل سوى بممارسة الزجل وقول الشعر حتى اليوم وانشاء الله سنتابع مشوارنا الفني على امل ان يكون عطاؤنا موفقا بعون الله
س – اخي طليع هل لك ان تتكرم وتشنف اذني ببعض الاشعار الزجلية الشيّقة ؟
ج – نعم تكرم اخي نجيب، قبل عشرة أيام تقريبا عندما علمنا بزيارة فضيلة الشيخ امين طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل دعيت لأقول قصيدة بهذه المناسبة في قصر الأمير مجيد أرسلان، أقول منها بعض الابيات عادي بدون تلحين، ولم ارض بذلك وأصريت ان اسمعها بلحن بل طلبت من ابي شادي ان يقولها بلحن وفعلا لبى طلبي مشكورا حيث قال:
تمنيت شوفك يا علم لفاتنا طليت من خلواتك لخلواتنا
ويا ناصر الدين الامل والانتصار ويا سعيد الحق مش ممكن يضيع
ولا فرق بين تراب وثاني تراب ما زال ترابتك تراباتنا
طل يا شيخ الفضيلة والصواب لازم نشوفك يا بطل بيناتنا
وتابع أبو شادي في قوله لبعض الابيات،
يا عم بو يوسف امين بهالديار بدو رضاك ولهفتك ابنك طليع
ويا مشايخنا يا لفات الوقار انتو اسهرو علينا بلفات الوقار
انتو اسهرو علينا بهلقلب الوديع انتو اجمعونا بفرد باقة اعتبار
ويا ناصر الدين الامل والانتصار ويا سعيد، الحق مش ممكن يضيع
ليش عم يتفرقو زهور الربيع مهما القطيع يوزعوه بكل دار
خلو العقل راعي تيجمع هالقطيع نحنا جماعة لا يمين ولا يسار
في النا سلمان بجمعنا سوا وبهمنا لبنان يبقى للجميع
نجيب صعب وطليع حمدان في منزل طليع في عين عنوب
وقبل ان ننهي اللقاء قدمت لشاعرنا المحبوب امير المنبرين وعملاق الزجل اللبناني ابن ضيعة عين عنوب اول عنقود من انتاجي الادبي في ذلك الحين كتاب " القرى الدرزية في إسرائيل والجولان " حيث أعرب الاخ طليع عن سروره العميق وعن تقديره واعتزازه بهذا الاهداء قائلاً: وانا اقدم لك بدوري كتابي – براعم ورد – وأود ان أقول لك هذه الردة على الكتاب
قدمتلي كتابك غمر من الورد العيني يملي
قدمتلك تحت الامر كتابي من شعوري حملي
انشالله بنبقى طول العمر بقدملك وتقدملي