مع كتاب الطبيب الدكتور شكري عطاالله: (مسار التطوّر – منذ الولادة حتى المراهقة)
بقلم: الدكتور منير توما كفرياسيف
يعرف جميعنا أنّ صحة الأطفال هي من الأمور المهمة التي تهمّ وتشغل الآباء والأمهات والعائلات، وكما هو معلوم أنّ معظم الأطفال يولدون أصحّاء، وينمون بشكل طبيعي حتى يبلغوا سن الحلم وينشأوا كبارًا أصحّاء. والى أن يتم ذلك، فإنّ الطفل يحتاج الى توفير الوسائل الصحيّة الوقائية والفحوص المنتظمة له. كما أنّ الطفل يحتاج الى المساعدة حتى يمارس الوظائف الأربع الأساسية للحياة وهي: التغذية، النوم، المشي والكلام. ومن الطبيعي أن يصاب الطفل بأعراض مرضيّة، تحتِّم على الأهل أو الوالدين بالإتصّال أو التوجّه الى الطبيب.
وانطلاقًا من هذه الحقائق، فقد قام الدكتور شكري ذيب عطاالله اختصاصي طب الأطفال والأحداث، بوضع واعداد كتاب قيِّم، واصداره مؤخرًا وأهدائي نسخةً منه حيث يحمل الكتاب عنوان (مسار التطوّر – منذ الولادة حتى المراهقة)، ويتضمن في صفحاته الشرح الوافي المتعلق بصحة الأطفال، ويشمل النمو والتطوّر والعديد من المشكلات الطبيّة التي تطرّق اليها الدكتور شكري عطاالله في كتابهِ بحكم درايته ومعرفته العلمية والطبيّة الواسعة بأنّ تربية الأطفال هي مسؤولية مجزية، وهي في الوقت نفسِهِ مثيرة للتحدّيات، فمن الطبيعي أن يتفهم الطبيب ما يشعر به الآباء والأمهات من الأحاسيس والانفعالات من الفرح إلى الإحباط، وحتى الغضب في بعض الأحيان.
يتناول الدكتور شكري عطاالله في كتابه هذا أمورًا شتى تتعلق بطب الأطفال من الولادة حتى سن المراهقة، وذلك بأسلوب علمي واضح رفيع المستوى يتسِّم بالترتيب والأناقة في عرض المادة الطبيّة حيث يبدأ كتابه بفصلٍ خاص عن الجهاز العصبي المركزي، يليه فصول أخرى عديدة تشمل نظرية النمو والتطوّر البيولوجي، والخصائص الفسيولوجية للطفل حيث الولادة والحواس لديه؛ كذلك يتحدّث المؤلف عن العوامل الوراثية والبيئية المؤثرة على عملية التطوّر في مرحلة الطفولة المبكرة، بالإضافة الى عوامل متعلقة بالأم الحامل.
ولا يفوت الدكتور شكري أن يتعرّض لموضوع التغذية والتطوّر وحقوله من حيث التفاوت والتطوّر اللغوي عند الأطفال، مستأنفًا حديثه عن النمو والتطوّر، وظواهر أخرى كقصر القامة والشلل الدماغي والتخلّف العقلي ومتلازمة داون، ومتلازمة كروموسوم "X" الهشّ، متابعًا تزويد القارئ بمعلومات عن النشاط المفرط والنقص في التركيز والإصغاء، والإصابات لدى الأطفال.
لا يخفى على أحد أنّ الأطبّاء بشكل عام يتعرضون في حياتهم العملية والاجتماعيّة، للكثير من الأسئلة حول طبيعة الأمراض المختلفة واعراضها ومخاطرها.
ولقد أحسن اختصاصي طب الأطفال الدكتور شكري عطاالله بإصدارهِ لهذا الكتاب ذي الرصيد الكبير للإستنارة العلمية والطبيّة للقرّاء وأهل الأطفال حينما يسأل أولئك الأهل عن أسباب مرض أطفالهم، والسلوك الواجب إتباعه تجاه هذا المرض أو ذلك، والى أي جهة أو مؤسسة طبيّة يلجؤون، وهل عليهم اجراء تحاليل أو صور لأطفالهم، وهل مرضهم مُعْدٍ، وكم يحتاج من الوقت ليبرأ، وهل سيترك أثارًا أو مضاعفات..؟
إنَّ مثل هذه الأسئلة لا تنتهي عند الكبار، فكيف عندما يكون الأمر بخصوص الأهل عند مرض أطفالهم فلذات أكبادهم. إِنها أسئلة تثير هواجس لدى الأهل وربما تزيد المرض أو تساهم في إيجادهِ. وفي اعتقادي أنَّ هذا الأمر هو أحد الدوافع التي حَفّزت الدكتور شكري عطاالله الى اعداد وإصدار هذا الكتاب، وفيه شرح كل تلك الحيثيات والأمور المتعلقة بكثير من التفصيل بتطوّر الطفل منذ الولادة حتى المراهقة، وبحيث يكون مفيدًا لكل قارئ يرغب بمزيدٍ من الإطّلاع والمعرفة، سواءً أكان مثقفًا ثقافة طبيّة عالية، أو بسيطة، أو لم يكن. وقد أورد المؤلف فيه مجموعة معلومات تساعد القارئ في معرفة الحالة الصحية لطفلِهِ، ولياقته البدنيّة، وما اذا كانت عاداته واسلوبه في تطور حياته وفي الأكل والشرب والنوم صحيحة أم لا، لأنها كلها أمور لها علاقة بسلامة الطفل الصحية.
ومن الجدير بالإشارة أنّ هذا الكتاب يحتوي على مخطّطات يستطيع القارئ الرجوع إليها والاستفادة منها في سياق اطلّاعه على المادة التي يُعنى بقراءَتها أو مراجعتها عند اللزوم.
وختامًا، نتقدم إلى الدكتور الفاضل شكري عطاالله بخالص التهاني والثناء والاطراء على هذا الإنجاز المتميّز وعلى الجهد المضني الذي بذله في اعداد هذا الكتاب العلمي الطبي الصادر بحُلّةٍ قشيبة أنيقة والذي لا يستغني عنه الأهل والوالدان لأطفالٍ في المرحلة الوارد ذكرها هنا، متمنين للطبيب العزيز الدكتور شكري عطاالله دوام الصحة والعمر المديد، والمزيد من التوفيق والعطاء.