منظومه التناوب بالمسكن مقابل الحق في السكن
01/08/2024 - 09:51:39 am

منظومه التناوب بالمسكن مقابل الحق في السكن

 

حسين علي زغير مُحام وكاتب عدل

 

التناوب بالمسكن او الإقامة المتناوبة بالإنجليزية "Nesting" او كما سميت بالعبرية "קינון" او "ניסטינג" وبترجمتها الحرفية للعربية "التعشيش" او بتسميتها العلمية "حَضِنْ", هي منظومة قانونيه يُعمل بموجبها عند نشوب نزاع عائلي بين زوجين، حيث يترك أحدهما البيت المشترك لفترات محددة كما حدد في التسوية بينهما او بموجب قرار قضائي. هذه المنظومة تحفظ مسكن الأولاد وتمنع منهم النزوح وتغير مكان سكنهم.

 

بشكل اساسي الهدف من تناوب الزوجين في المسكن هو ابعاد الأطفال عن النزاع والصراع العائلي الذي وقع بين الزوجين، وهدفه التقليل من الضرر بالأطفال من خلال حفظ مكان مسكنهم والبيئة المحيطة به.

 

منظومة التعشيش او التناوب في الإقامة او المسكن ممكنة قانونيا وذلك استناداً الى المادة 75 من قانون المحاكم  ]نسخة مدمجة[, لسنة 1984 والمادة 68(أ) لقانون الاهلية القضائية والوصاية لسنة 1962, الذين يخولان المحكمة المدنية بالحكم بأي قرار تراه عادلاً في حالة القاصر.

 

بموجب منظومه المناوبة في المسكن على كل فرد من الزوجين التنازل عن حقه في السكن في البيت او المنزل لمدات زمنية مختلفة، ما معناه ان على كل فرد من الزوجين ترك البيت وإيجاد مسكن اخر في فترة التناوب حيث يبقى في البيت أحد الزوجين مع الاطفال. هذه المنظومة تنزع من الزوجين حقهم بالمسكن الدائم وتمس خاصة في الطرف الضعيف من النزاع الذي يصعب عليه إيجاد مسكن بديل له او الذي المسكن البديل غير مريح له وذلك بسبب البعد او التكاليف او العجز الذين يثقلون على الروتين اليومي.

 

حق المسكن هو حق قانوني ودستوري معترف به في إسرائيل ضمن حق كرامة الانسان بموجب القانون الأساسي الإسرائيلي كرامة الانسان وحريته لسنة 1992.

 

المحكمة العليا في إسرائيل اقرت في قرارها الصادر في ملف طلب استئناف رقم 95/4905 غمزو ضد نعمه، الصادر بتاريخ 19.3.2001, ان:

 

  "الانسان الذي يسكن في الشارع وليس له مكان إقامة هو انسان مٌست كرامته".

 

المعاهدة التي اعتمدتها الهيئة العامة للأمم المتحدة الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية "International Covenant on Economic, Social and Cultural Rights" اقرت ان الحق بالمسكن هو حق أساسي للإنسان. دولة إسرائيل صادقت على هذه المعاهدة سنة 1991 وبذلك رسخت الحق بالمسكن ورفعته الى المستوى الدستوري العالمي.

 

بموجب روح المعاهدة الأممية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تمنح وزارة الاعمار والاسكان دعم مادي للمستحقين من مختلف فئات المجتمع لمساعدتهم على العيش تحت سقف امن وذلك بالإضافة الى وجود ملاجئ لضحايا العنف من النساء واطفالهن، هذه الملاجئ مخصصة للنساء اللواتي لا يستطعن البقاء في المنزل بسبب الخطر الجسدي او النفسي على حياتهن من ازواجهم او عائلاتهم.

 

التناوب في الإقامة او المسكن كثيرا يكون غالباً وفق قرار قضائي يفرض على الأطراف وتكون نتيجة اتخاذه المس والضرر في الحق بالمسكن وذلك خاصه عندما يتعذر على احد من الزوجين ايجاد مسكن بديل في فترة المناوبة او التعشيش, يشار في هذا الصدد الى ان محكمة العدل العليا لم تقل كلمتها في هذا الموضوع ولم تضع مقاييس واضحة لتطبيق ترتيب المناوبة في المسكن.

 

افلاطون العظيم تطرق في كتابه الجمهورية الخامس الى رعاية الأطفال وكتب انه يمكن ان تودع رعايتهم بيد الرجال او النساء ولكن الأفضل بين الرجال والنساء سوية وذلك لان المسؤولية مشتركه بين الجنسين.

 

وهذه اقوال افلاطون العظيم كما ترجمت أقواله من اليونانية الى الفرنسية مترجمة بيدنا الى العربية:

 

Les enfants, à mesure qu'ils naîtront, seront remis entre les mains de personnes chargées d'en prendre soin, hommes, femmes, ou bien hommes et femmes réunis ; car les charges sont communes à l'un et à l'autre sexe.

 

الأطفال عند ولادتهم كإجراء يودعوا بين يدي اشخاص مسؤولين لرعايتهم رجال او نساء او أفضل بين رجال ونساء سوية لان المسؤولية مشتركه بين الجنسين.

 

ولهذه المسألة أيضا تأثير يتعلق بالجنسين فعلى سبيل المثال ما إذا كان يفضل بقاء الابنة مع والدتها وبقاء الولد مع والده. فهل من المهم ان تولج الام في ابنتها المهارات التي تنقلها الام الى ابنتها وبالتالي يغرس الاب في ابنه ارثا ومضمونا يجب ان يأخذه ويطبقه لاحقاً في حياته، في حالة الابن حديثنا عن تراث الأجداد.

 

التناوب بالمسكن ممكن ان يكون سلاح بيد احدى الزوجين، الشيء الذي ممكن ان يَمس في الطرف الضعيف او الذي ليس له ذنب او سوء في الصراع العائلي. الطرف المسبب للنزاع العائلي ممكن في إطار النزاع العائلي وتسوية بمنظومه الإقامة المتناوبة ان يتسبب بإخراج الطرف الاخر من المنزل لفترات زمنية الشيء الذي ممكن ان يفرض عبئاً مالياً وعاطفياً على الشريك الاخر ظلماً.

 

لذلك يُقترح في اطار تسوية التناوب في الإقامة ان يتم البحث عن أسباب النزاع والتي سيتم الرد عليها بشكل مناسب في اطار الحكم بنفقة المسكن الذي سيتم فرضه على الطرف الذي تسبب بالنزاع وذلك استناداً الى المعاهدة الدولية لحقوق الطفل التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي وَقعت عليها إسرائيل ودخلت حيز التنفيذ في الثاني من تشرين الثاني سنة 1991, وايضاً استناداً الى سلسلة الاحكام الصادرة عن محكمة العدل العليا في إسرائيل والتي وضعت رعاية الطفل في المصلحة العليا ومن هذه القرارات والاحكام قرار القاضيان الياكيم روبنشتاين ومشعيل حشين الى ان "مصلحة الطفل هي مبدأ ومثال اعلى ووحيد في مسالة حضانة الأطفال وذلك دون ان يكون جانبه أي اعتبارات أخرى مستقلة.... فعمود النار الذي يتحرك امامنا حسب حكم الشرع والضمير هو مصلحة القاصر" (ملف رقم 06/27 فلان ضد فلان، نشر بتاريخ 1.5.2006, ملف رقم 1841/08, نشر بتاريخ 22.5.2008).

 

في الختام عندما تُمنح مصلحة الطفل القيمة والمبدأ الأسمى والاعلى ومن جهة أخرى يصاغ حق الزوجين في المسكن حقاً دستوريا فعند نشوب نزاع عائلي غالبا ما يكون هناك تضارب بين مصلحة الطفل والحق في المسكن للزوجين لذلك في تلك الحالات يجب على المحكمة العليا الإقرار كقاعدة عامة ان الطرف الذي يتسبب في النزاع عمداً يجب ان يتحمل العبء المالي الناتج عن التناوب في المسكن او الإقامة. 

 

يشار الى ان موقع كلكليست العبري نشر مقاله مشابه للمحامي حسن علي زغير به حَثْ المحكمة العليا الإسرائيلية على رسم قواعد قانونيه لمنظومه التناوب في المسكن.

 
 
يشار الى أن شركة "دَنْ أَنْد برَادْسْتريْت" العالميَّة صنِّفت مكتب المُحاماة وكاتب العدل حسين علي صغيَّر واحدًا من أَفضل مكاتب المُحاماة في البلاد لعامي 2023- 2024 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق